وعلامة دلالة (من) على التبيين وضع الموصول فى موضعه ، ففى الأمثلة السابقة يصح القول : طائفة التى هى الناس ، معاصيه التى هى جنس ، أحد الذى هو العرب ، والذى هو العجم ، الرجس الذى هو الأوثان ، فيها الذى هو برد.
٥ ـ التعليل :
نحو : عملوا فى الغنى عمل الخائف من زوال الغنى ، وقال بعض الحكماء لرجل اشتدّ جزعه من بكاء صبى ، والمجروران بـ (من) تعليل وسبب ، فالتقدير (بسبب زوال ... ، بسبب بكاء صبى) ، ويمكن تقدير اللام فى موضعها لهذا المدلول. ويمكن أن يكون منه : (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش : ٤] وقوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) [المائدة : ٣٢].
وقد وردت (من) للتعليل فى قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) ([البقرة : ١٩]. أى : بسبب الصواعق.
٦ ـ البدل :
نحو : ولا حسم لهذا الداء إلا بإطراح الفضول وسلامة اللسان من أن يلغ فى الأغراض ، فالمصدر (أن يلغ) هو المجرور ، ومطلوب له بدلية ، وهو مدلول (إطراح الفضول وسلامة اللسان) ، فيصح وضع (بدلا من) مكان حرف الجر (من). ومنه : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨] ، (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً) [الزخرف : ٦٠].
٧ ـ المجاوزة :
نحو : دليل على الرقة والبعد من القسوة ، وكذلك لبعد مسقط الشمس من أصل حائطه ، وكذلك ، فامتنعت طائفة من الناس من التقدم إلى العطاء ، ويلاحظ أن (من) فى هذا الموضع تكون بمعنى (عن) ، ويتضح ذلك لو قدرنا (عن) سابقة للأسماء المجرورة (القسوة ، أصل حائطه ، التقدم) ، واختلف النحاة فى معنى (من) لصاحبة لأفعل التفضيل ، فذهب سيبويه إلى أنها لابتداء الغاية ولا تخلو من