التبعيض (١) ، وقال المبرد وجماعة : هى لابتداء الغاية ، ولا تفيد معنى التبعيض (٢) ، وكذلك الأخفش الصغير ، وذكر الهروى أنها تكون للتبعيض فى هذا الموضع (٣) ، ولكنى أرى أنها تفيد المجاوزة ، واسم التفضيل يحمل فى مدلوله هذا المعنى ، ويتضح ذلك فى القول : الناشئة فى هذا الوجه أحقّ من غيرهم ، فالحقّ تجاوز غير الناشئة ، ويمكن أن يلمس هذا التجاوز مع أسماء التفضيل ومصاحبة (من) فى مثل : أخف من كثيره ، أفضل من صاحب الخصلة.
٨ ـ الانتهاء :
نحو : لقد فرغ من نظامه ، وكذلك : محمد خرج من هاتين الحالين ، فالمجروران (نظام ، هاتين الحالين) فيهما معنى الانتهاء ، وتعلق (من) بالحدثين (الفراغ ، والخروج) يدل على ذلك. وذكر الكوفيون هذا المعنى لمن ، ولكن رده المغاربة (٤).
ومن ذلك القول : نظرت فلانا من سطحه ، ويذكرون منه قول الأعشى الكبير :
أأزمعت من آل ليلى ابتكارا |
|
وشطّت على ذى هوى أن تزارا (٥) |
(من آل ليلى) تعنى (إلى آل ليلى).
٩ ـ الاستعلاء :
نحو : انتصف عزمه من شهرته ، وكذلك : وأبانهم من غيرهم ، وفضلهم عليهم ، وفى هذا المدلول يصح وضع (على) بدلا من (من). وقوله تعالى : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) [الأنبياء : ٧٧] ، (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) [الزمر : ٢٢].
__________________
(١) انظر : الكتاب ٤ ـ ٢٢٥ / معانى الحروف ٩٧.
(٢) انظر : مغنى اللبيب ٢ ـ ١٥ / الجنى الدانى ٣١١ ، ٣١٢.
(٣) الأزهية ٢٣٢.
(٤) انظر : مغنى اللبيب ٢ ـ ١٤ / الجنى الدانى ٣١٣.
(٥) ديوانه ٤٥ / خزانة الأدب ٣ ـ ٣٠٣.