١٠ ـ الفصل :
وهى فى هذا الموضع تدخل على المتضادّين ، نحو : بانت الحجة من الحيلة ، والدليل من الشبهة ، فكلّ من (الحجة والدليل) يتناقض مع (الحيلة والشبهة) ، وفصل بين كلّ من المتناقضين بـ (من) ، فأفادت لذلك الفصل ، وقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠] (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران : ١٧٩].
١١ ـ موافقة الباء :
ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية فى هذا الموضع (١) ، وذلك نحو : وعلم أنه قد حكم من غير استرداد ، فيصح أن تكون (بغير استرداد) ونحو : وتسمّوا بأسماء العلم على المجاز من غير حقيقة ، إذ يمكن القول : بغير حقيقة. ومنه (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) [الشورى : ٤٥] أى بطرف. وقوله تعالى : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [الرعد : ١١] ، أى بأمر الله.
١٢ ـ أن ترادف معنى (فى):
نحو : محلّه من الخدمة محلّ الأغبياء ، وكذلك : تحفظ ذلك من نفسك ، والتقدير : محله فى الخدمة ، تحفظ فى نفسك. ويجعلون منه قوله تعالى (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) [فاطر ٤٠].
١٣ ـ أن تكون زائدة للتوكيد :
يرى البصريون أن (من) الزائدة للتوكيد تختصّ بغير الواجب وبالنكرة ، فتقول : ما جاءنى من أحد ، أى : ما جاءنى أحد. ونحو : ما من إله إلا الله ، والتقدير : ما إله إلا الله ، فـ (من) زائدة للتوكيد ، ونحو : (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) [الملك : ٣] ، وقوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ). [الأنعام : ٣٨]. (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) [مريم : ٩٨]. (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) [فاطر : ٣] ، (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) [المؤمنون : ٢٣].
__________________
(١) انظر : الجنى الدانى ٣١٤.