الثانى : أن تكون للتنزيه ، كقولك : حاشا لله ، وحاشا لفلان ، وهو ليس حرفا ، وإنما اختلفوا بين فعليتها واسميتها.
فذهب المبرد والكوفيون وابن جنى وغيره إلى أنها فعل ، ومنه قوله تعالى : (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) [يوسف : ٣١].
ويستدلون على فعليتها بدخولها على الحرف ، وبالتصرف فيها بالحذف.
واختلفوا فى الفاعل حينئذ ، فذهب بعضهم إلى أنه ضمير يعود على (يوسف) عليه السّلام ، وذهب الفراء إلى أنه فعل لا فاعل له.
وذهب الزجاج وابن مالك إلى أنه اسم منتصب انتصاب المصدر الواقع بدلا من فعله ، فتقدير حاشا لله : تنزيها لله ، ويستدل أصحاب هذا الاتجاه بقراءة أبىّ : «حاشا لله» بالتنوين ، وقراءة ابن مسعود (حاشا الله) بالإضافة ، والأول كالقول : رعيا لزيد ، والثانى كالقول : سبحان الله ، ومعاذ الله.
وذكر الزمخشرى (١) أن قولهم : حاشا لله بمعنى : براءة لله من السوء.
ويذهب ابن مالك إلى أن ترك التنوين فى القراءة فى (حاشا) بسبب بنائها لشبهها بحاشا الذى هو حرف ، فقد شابهه لفظا فجرى مجراه فى البناء.
الثالث : أن تكون من أدوات الاستثناء ، وفيه ثلاثة مذاهب :
أولها : أن تكون حرفا خافضا دالا على الاستثناء كـ (إلا) ، وهو مذهب سيبويه وأكثر البصريين.
ثانيها : أن تكون بمنزلة (خلا وعدا) ، تجر إذا كانت حرفا ، وتنصب إذا قدرت فعلا ، وهو مذهب الجرمى والمازنى والمبرد والزجاج ، وإليه يذهب أكثر النحاة ويصححونه ، كما حكى النصب به كثير من اللغويين.
ثالثا : أنها فعل لا فاعل له ، وإذا خفض الاسم بعدها فإنه يكون مخفوضا بلام مقدرة ، وهو ما ذهب إليه الفراء.
__________________
(١) ينظر : المفصل ١٣٤ / شرح ابن يعيش ٨ / ٤٧.