ـ إذا قلت : ما رأيته مذ أو منذ أن الله خلقه ، بفتح همزة (أن) احتملا الاسمية والحرفية ؛ لأن ما بعدهما مصدر مؤول ، أى : اسم مفرد ، فإن احتسبتهما حرفين فإن المصدر يكون فى محلّ جرّ بهما ، أو يكون مضافا إلى محذوف مجرور بهما ، يقدر بكلمة : زمن. وإن احتسبتهما اسمين فيكونان فى محلّ رفع بالابتداء ، خبرهما المصدر المؤول بعدهما. أما إن كسرت همزة (إن) فإنهما يكونان اسما لا غير.
حرفيتهما :
من النحاة ـ وهم جمهورهم ـ من يوجب حرفية (مذ ، ومنذ) إذا وليهما مجرور ، ويجعلونهما ـ حينئذ ـ نظيرتى (من) فى المكان ، فلمّا كانت حرفا كانا كذلك ؛ لأنهما فى معناها. كما أنهم يستدلون بإيصالهما الفعل إلى ما يستفهم به من (متى) و (كم) على حرفيتهما ؛ حيث يصح القول : مذ متى سرت؟ ومذ كم فقدتك؟ ، ولا يصح القول : مذمتى سرت فيه؟ مذ كم فقدتك فيه؟ مما يدلّ على أنهما حرفان ـ حينئذ ـ لا اسمان.
ويذكرون أن الغالب على (منذ) الحرفية ، والغالب على (مذ) الاسمية ، ذلك لأن الحروف لا يتصرف فيها ، لأنها اختصار وإيجاز لنيابتها عن الأفعال ، ولا يصح اختصار الاختصار ، فكذلك (منذ) التى لم يحذف منها شىء ، أما (مذ) فقد تصرف فيها ، بحذف العين منها ، كما هو فى الأسماء. ولكن يرد على ذلك بالتخفيف فى (إن) و (كأن) و (لكن).
وهؤلاء يرون أنه إذا وليهما مرفوع أو جملة فإنه يتعين اسميتهما.
فإذا احتسبا حرفين كان الكلام جملة واحدة ، حيث يتعلقان بما قبلهما ، ويجران ما بعدهما.
__________________
مبنى على السكون. والتاء ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة فى محل جر بالإضافة. (وأمردا) حرف عطف ومعطوف على وليد منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والألف للإطلاق.