وقول الفرزدق :
ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة |
|
وأتيت فوق بنى كليب من عل |
حيث ذكرت (عل) مبنية على الضمّ ، مما يدلّ على انقطاعها عن الإضافة لفظا لا معنى ، والتقدير : من علهم ، أى : من فوقهم.
ومنه قوله تعالى : (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) [التين : ٧] ، (بعد) ظرف زمان مبنى على الضم فى محل نصب ، وبنى على الضم لانقطاعه عن الإضافة لفظا لا معنى ، والتقدير : بعد ذلك.
وكذلك : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) [مريم : ٦٧](١).
(لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا) [الحديد : ١٠].
ونية الإضافة فى هذه الأسماء المبهمة لها علاقة أكيدة بالمعنى الذى تؤديه هذه الأسماء فى التركيب ؛ فمثلا (عل) إذا أردت بها علوا معينا ، وذكرت مفردة ، فإنه يقدر فيها الإضافة ـ حينئذ ـ فتقول : أتى الأعداء إلينا من أسفل ففاجأناهم من عل. ببناء (عل) على الضم ، ذلك لأنه علوّ معين معلوم ، والتقدير : من أعلاهم.
فإذا كان العلوّ مجهولا فإنها تعرب ، كما ذكرت فى قول امرئ القيس :
مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا |
|
كجلمود صخر حطّه السيل من عل (٢) |
__________________
(١) (أولا) الهمزة استفهامية. الواو : حرف عطف. لا : حرف نفى. كلها مبنية لا محل لها من الإعراب.
(يذكر) فعل مضارع مرفوع. (الإنسان) فاعل مرفوع. (أنا) حرف توكيد ونصب مبنى. وضمير المتكلمين فى محل نصب ، اسم أن. (خلقناه) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (من قبل) حرف جر مبنى ، واسم مبنى على الضم فى محل جر لا نقطاعه عن الإضافة لفظا لا معنى. (ولم) الواو : للابتداء أو للحال ، لم : حرف نفى مبنى. (يك) فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة. واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. (شيئا) خبر كان منصوب. والجملة فى محل نصب ، حال.
(٢) (معا) حال منصوبة. (حطه السيل) جملة فى محل جر نعت لجلمود ، وقد تكون فى محل نصب ، حال منه ؛ لأنه نكرة مخصصة.