يجري في أيمان المسلمين ، وهو الكفارة عند الحنث ، إلاّ أن يختار إيقاع الطلاق فله أن يوقعه ولا كفّارة. (١)
ولكن من أين ثبت انّه من أيمان المسلمين ، ليكونَ للطلاق من القداسة ما للفظ الجلالة ، فلاحظ.
ومن عجيب الأمر ما أحدثه الحجاج بن يوسف الثقفي المعروف بأيمان البيعة ، فكان يأمر الناس عند البيعة لعبد الملك بن مروان أن يحلفوا بالطلاق والعتاق واليمين بالله وصدقة المال ، فكان هذه الأيمان الأربعة ، أيمان البيعة القديمة المبتدعة.
ثمّ أحدث المستحلفون من الأمراء عن الخلفاء والملوك وغيرهم إيماناً كثيرة تختلف فيها عاداتهم. (٢)
ومع ذلك فلا خلاف بين فقهاء السنة عدا ابن تيميّة في كلامه السابق انّ الحلف بغير الله لا تجب بالحنث فيه الكفّارة ، إلاّ ما روي عن أكثر الحنابلة في وجوب الكفارة على من حنث في رسول الله ، لأنّه أحد شطري الشهادتين اللّتين يصير بهما الكافر مسلماً.
ثمّ إنّ الحنث إنّما يتصوّر إذا حلف على الفعل بأن يطلقها في المستقبل عند حصول المعلّق عليه ، فإذا حصل ولم يطلق ، حصل الحنث دون ما إذا حلف على النتيجة أي صيرورة المرأة مطلقة أو ماله صدقة أو عبده معتقاً بنفس هذه الصيغة إذا حصل المعلّق عليه من دون حاجة إلى صيغة أُخرى ، إذ تكون المرأة عندئذ مطلقة ، شاء الحالف أم لم يشأ. ومثله كون أمواله صدقة وعبيده عتقاء ، وقد مرّ توضيحه عند نقل كلام ابن تيمية.
__________________
(١) الفتاوى الكبرى : ٣ / ١٢ و ١٣.
(٢) الموسوعة الفقهية : ٧ / ٢٥٠.