قلنا : إنّ اللام بمعنى «في» فإنّ المراد إيقاع الطلاق في الزمان الذي يصلح للاعتداد ، أو بمعنى الغاية والمراد إيقاع الطلاق لغاية الاعتداد ، وعلى كلا الوجهين يجب أن يترتّب الاعتداد على إيقاع الطلاق بلا تريث ، فلا تعمّ الآية الطلاقَ في طهر المواقعة ، لأنّه لا يصلح للاعتداد ، ظرفاً وغاية في عامّة المذاهب.
وأمّا إن قلنا بأنّ المراد بها ، هي الحيضات الثلاث ، فكذلك ، لما عرفت من أنّ المراد بالآية ، هو إيقاع الطلاق مستقبلاً لعدتهن ، وبما انّ الحيضة التي تقدّمها طهر المواقعة ، لا تحسب من العدة ، فالآية لا تعمّ إيقاعه في مثل ذلك الطهر ، لأنّه ليس من أقسام «مستقبلات عدة».
وأمّا السنّة فيمكن الاستدلال برواية ابن عمر أنّه طلّق امرأة له وهي حائض ، فذكر ذلك عمر للنبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، فتغيظ فيه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ثمّ قال : ليراجعها ، ثمّ يمسكها حتّى تطهر ، ثمّ تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلّقها ، فليطلّقها قبل أن يمسها ، فتلك العدّة كما أمر الله تعالى.
وفي لفظ : فتلك العدّة التي أمر الله أن يطلق لها النساء.
وأمّا كيفية الاستدلال : فلأنّ النبي بصدد بيان كيفية إيقاع الطلاق وشروطه ، فأمر بإيقاعها في الطهر الثاني بشرط أن لا يمسّها ، فلو كان الطلاق في الطهر الذي واقعها صحيحاً ، لما خصّه النبي بالطهر المشروط.
وأمّا عدم تجويز إيقاعه في الطهر الأوّل ، فلأجل مؤاخذة الرجل حيث تسرّع في الطلاق ، وجعله في غير موضعه فأُرغم أن يصبر طهراً وحيضاً ، كما مرّ.