الأوّل : تخصيص الآية بما دلّ على ميراث العصبة
إنّ قوله سبحانه : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) لا يعدو إمّا أن يكون مطلقاً أو عاماً ، فالمطلق يُقيّد والعام يخصص بما ورد من توريث العصبة بعد استيفاء ذوي الفروض فروضهم وإن كانوا بُعَداء.
يلاحظ عليه : ـ بعد غضّ النظر عن الضعف الطارئ على أدلّة التعصيب سنداً ودلالة كما سيوافيك ـ انّ الآية المباركة تأبى على التخصيص والتقييد ، لأنّها تحكي عن تشريع صدر استجابةً لميول ورغبات البشر ، وهو انّ الإنسان أرأف وأميل بالوارث الأقرب من الأبعد ، فتخصيص مثل ذلك التشريع يأباه الطبع السليم ، مثل قوله سبحانه : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١) ، أو قوله سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) ، وقوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٣) وأمثالها.
والشاهد على إبائها التخصيص والتقييد انّه لو قيل (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) إلاّ في مورد كذا لما استحسنه الطبع ولاستهجنه ، مثل ما إذا قيل (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) إلاّ في مورد كذا ..
الثاني : حرمان الرجال من الميراث في الفقه الإمامي
إذا دلّت الآية على المشاركة ، فكما أنّ حرمان النساء مخالف لها ، فكذلك حرمان الرجال مع أنّه ثابت في القول بعدم التعصيب ، وذلك كما في المثال التالي :
إذا مات الرجل عن بنت وعم أو ابن عم ، فإنّ التركة كلّها للبنت عندهم
__________________
(١) التوبة : ٩١.
(٢) الحج : ٧٨.
(٣) التوبة : ١٢٠.