أو من الأب ، وإليه ذهب عامّة الفقهاء إلاّ ابن عباس ومن تابعه ، فإنّه يروى عنه أنّه كان لا يجعل الأخوات مع البنات عصبة فقال في بنت وأُخت : للبنت النصف ولا شيء للأُخت. فقال ابن عباس : أنتم أعلم أم الله ، يريد قول الله سبحانه : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ...) فإنّما جعل لها الميراث بشرط عدم الولد.
ثمّ إنّ ابن قدامة ردّ على الاستدلال بقوله : إنّ الآية تدل على أنّ الأُخت لا يفرض لها النصف مع الولد ، ونحن نقول به ، فإنّ ما تأخذه مع البنت ليس بفرض ، وإنّما هو بالتعصيب كميراث الأخ ، وقد وافق ابن عباس على ثبوت ميراث الأخ مع الولد مع قول الله تعالى : (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) وعلى قياس قوله «ينبغي أن يسقط الأخ لاشتراطه في توريثه منها عدم ولدها». (١)
حاصل كلامه : أنّ الأُخت ترث من الأخ النصف في حالتي وجود الولد وعدمه ، غاية الأمر عند عدم الولد ترث فرضاً ، وعند وجوده ترثه عصبة.
يلاحظ عليه : أنّ المهم عند المخاطبين هو أصل الوراثة ، لا التسمية تارة بالفرض وأُخرى بالتعصيب ، فانّ الأسماء ليس بمطروحة لهم ؛ فإذا كان الولد وعدمه غير مؤثّر فيها ، كان التقييد لغواً ، وما ذكره من أنّها ترث النصف عند الولد تعصيباً لا فرضاً أشبه بالتلاعب بالألفاظ ، والمخاطب بالآية هو العرف العام ، وهو لا يفهم من الآية سوى حرمان الأُخت عند الولد وتوريثها معه باسم آخر ، يراه مناقضاً.
وما نسبه إلى ابن عباس من أنّه كان يرى ميراث الأخ مع الولد ، غير ثابت ، وعلى فرض تسليمه فهو ليس بحجة.
__________________
(١) المغني : ٦ / ٢٢٧.