فجمع الصحابة ، فقال لهم : فرض الله تعالى للزوج النصف ، وللأُختين الثلثان ، فإن بدأت للزوج لم يبق للأُختين حقهما ، وإن بدأت للأُختين لم يبق للزوج حقّه ، فأشيروا عليَّ ، فاتّفق رأيه مع عبد الله بن مسعود ، على العول ، أي إيراد النقص على الجميع بنسبة فرضهم من دون تقديم ذي فرض على آخر ؛ وخالف ابن عباس ، في عصر عثمان ، وقال : إنّ الزوجين يأخذان تمام حقّهما ويدخل النقص على البنات فهو يقدّم من له فرضان في الكتاب على من له فرض واحد كما سنبيّن.
ومنذ ذلك العصر صار الفقهاء على فرقتين ، فالمذاهب الأربعة وما تقدّمها من سائر المذاهب الفقهية قالوا بالعول ، والشيعة الإمامية ، تبعاً للإمام عليّ ـ عليهالسلام ـ وتلميذه ابن عباس على خلافه ، فهم على إيراد النقص على البعض دون بعض من دون أن يكون عملهم ترجيحاً بلا مرجح.
فعن عبد الله بن عباس انّه قال : أوّل من أعال الفرائض عمر لما التوت عليه الفرائض ودافع بعضها بعضاً ، فقال : ما أدري أيّكم قدَّمه الله ولا أيّكم أخّره ، فقال : ما أجد شيئاً أوسع لي من أن أقسِّم التركة عليكم بالحصص ، وأدخل على كلّ ذي حقّ ما دخل عليه من عول الفريضة ، ولم يخالف في ذلك أحد حتى انتهى أمر الخلافة إلى عثمان ، فأظهر ابن عباس خلافه في ذلك وقال : لو أنّهم قدَّموا من قدَّم الله وأخّروا من أخّر الله ما علت فريضة قط ، فقيل له : من قدّمه الله ومن أخّره الله؟ فقال : قدّم الله الزوج والزوجة ، والأُمّ والجدة ، وأمّا من أخّره الله فالبنات وبنات الابن والأخوات الشقيقات والأخوات لأب.
وفي رواية أُخرى أنّه قال : من أهبطه الله من فرض إلى فرض فهو الذي قدّمه ، ومن أهبطه الله من فرض إلى غير فرض فهو الذي أخّره. (١)
__________________
(١) المبسوط للسرخسي : ٢٩ / ١٦١ ـ ١٦٢.