وثانياً : سلّمنا أنّ العول بمعنى النقص لكن رمي الشيعة بأنّهم يقولون به حيث إنّهم يوردون النقص على المؤخّر ، غفلة من نظره ، فانّ النقص إنّما يتصوّر إذا كان المؤخّر ذا فرض ، ولكنّه عندهم ليس بذي فرض ، بل يرث بالقرابة كسائر من يرثون بها ، وعندئذ لا يصدق النقص أبداً في هذه الحالة.
يشهد بذلك كلام ابن عباس حيث يفسّر المقدّم بأنّه ممّن له فرضان ، والمؤخّر بأنّه ممّن ليس له إلاّ فرض واحد وهو في غير هذا المورد : حيث قال في جواب «زفر» الذي سأله عمّن قدّمه ومن أخّره؟ فقال : والذي أهبطه من فرض إلى فرض فذلك الذي قدّمه ، والذي أهبطه من فرض إلى ما بقى فذلك الذي أخّره الله. (١)
وبعبارة أُخرى : إنّ الذي أخّره الله لم يجعل له حقّاً مفروضاً في حالة التزاحم والاجتماع فيرث ما بقى ، وليس هو بذي فرض في هذا الفرض لكونه وارثاً بالقرابة. وبذلك تبيّن أنّه لا عول عند الشيعة بالمعنى المصطلح عند الفقهاء.
وثالثاً : ما ذكره من أنّ السنّة حافظت على نصوص الكتاب ولكن الشيعة بإدخال النقص على المؤخّر خالفت نصوصه ، من أعاجيب الكلام ، فإذا كان في دخول النقص على المؤخّر (على وجه المسامحة) مخالفة لظاهر الكتاب ، ففي دخولها على الجميع مخالفة مضاعفة ، فقد عرفت في ما سبق أنّ من فرض الله له النصف أعطوه أقلّ منه ، ومن فرض له الثلثان أعطوه أقلّ منهما. فكيف لا يكون فيه مخالفة. (٢)
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ١٧ ، الباب ٧ من أبواب موجبات الإرث ، الحديث ٦.
(٢) وقد كفانا في نقد ما اختلقه من الشبهات أو أخذها ممّن تقدم عليه العلمان الجليلان : السيد عبد الحسين العاملي في كتابه «أجوبة موسى جار الله» ، والسيد محسن العاملي في «نقض الوشيعة» ـ قدّس الله أسرارهما ـ.