وروح الإسلام ، ومرونة الشريعة المقدسة وسماحتها ، وضرورات العمل الإسلامي ، وقد وردت في القرآن الكريم ، وأكّدتها السنة الشريفة ، وآمن بمشروعيتها علماء المسلمين.
ولا ريب في أنّ الشيعة ـ وبحكم الظروف العصيبة التي حاقت بهم على امتداد فترات تاريخية طويلة ـ اشتهروا بالعمل بالتقية ، واللّياذ بظلها كلما اشتدت عليهم وطأة القهر والظلم.
وقد سعى الصائدون في الماء العكر من حُكّام الجور والمغرضين والمتعصّبين إلى استغلال هذا الأمر ، وذرّ الرماد في العيون من خلال إيجاد تصوّرات وأوهام باطلة ، وغرسها في أذهان الناس ، بدعوى أنّ التقية عند الشيعة ضرب من النفاق والخداع والتموية ، وأنّها تجعل منهم منظّمة سرية غايتها الالتفاف على الإسلام وتشويه صورته وتهديم أركانه.
إنّ العمل بالتقية والاحتراز عن الإفصاح عن المبادئ والأفكار لا يعنيان أبداً أنّ للشيعة أسراراً وطلاسم يتداولونها بينهم ، ولا يتيحون للآخرين فرصة الاطلاع عليها ومعرفتها ، ولا يعنيان أيضاً أنّ لهم نوايا عدوانية ضدّ الإسلام وأهله ، وإنّما يتعلّق الأمر كلّه بإرهاب فكري وسياسي مُورس ضدهم ، وجرائم وحشية ارتكبت بحقهم ، ألجأتهم إلى اتخاذ التكتّم والاحتراز أسلوباً لصيانة النفوس والأعراض والمحافظة عليها. ونحن إذا نظرنا إليهم في بعض العهود التي استطاعوا أن يتنفسوا فيها نسائم الحرية ، نجد كيف أنّهم بادروا وبنشاط إلى نشر أفكارهم وآرائهم وبثّ مبادئهم وتعاليمهم ، وكيف أنّهم ساهموا ـ مع إخوانهم من سائر المذاهب والطوائف ـ في صنع حضارة الإسلام الخالدة.