المسلم ، وسلِّم له أربعة أخماسه. وكذلك المكاتب يجد ركازاً في دار الإسلام فهو له بعد الخمس .... (١)
إنّ الناظر في فتاوى العلماء وروايات الواردة في وجوب الخمس في الركاز الذي هو الكنز عند الحجازيين والمعدن عند أهل العراق يقف على أنّ إيجابه من باب انّه فوز بالشيء بلا بذل جهد ، كالغنائم المأخوذة في الغزوات ، وهذا يعرب عن أنّ مدلول الآية أوسع ممّا يتصوّر في بدء الأمر.
يقول ابن الأثير ناقلاً عن مالك : الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي سمعت أهل العلم يقولون : إنّ الركاز إنّما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية ، ما لم يطلب بمال ولم يتكلّف فيه نفقة ، ولا كبير عمل ولا مئونة ، فأمّا ما طلب بمال ، وتكلّف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة ، فليس بركاز.
والركاز عند أهل الحجاز كنز الجاهلية ودفنها ، لأنّ صاحبه ركزه في الأرض ، أي أثبته وهو عند أهل العراق ، المعدن ، لأنّ الله تعالى ركزه في الأرض ركزاً ، والحديث إنّما جاء في التفسير الأوّل منهما ، وهو الكنز الجاهلي على ما فسّره الحسن وإنّما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه ، والأصل فيه أنّ ما خفت كلفته كثر الواجب فيه ، وما ثقلت كلفته قلّ الواجب فيه.
ويؤيد (٢) ذلك ما رواه الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ عن آبائه ـ عليهمالسلام ـ في وصية النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لعلي ـ عليهالسلام ـ قال : «يا علي إنّ عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ... ووجد كنزاً فأخرج منه الخمس وتصدّق به فأنزل الله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)». إلى غير ذلك من الأخبار. (٣)
__________________
(١) الخراج : ٢٢.
(٢) جامع الأُصول : ٤ / ٦٢١٦٢٠.
(٣) الوسائل : ٦ ، الباب ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٣.