السلطة الأموية بل كانت أكثر بطشاً وتنكيلاً ، وهذا هو أبو الفرج الاصفهاني يقول في حقّ المتوكل :
كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ، غليظاً في جماعتهم ، شديد الغيظ والحقد عليهم ، وسوء الظن والتهمة لهم ... واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي ، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ومنع الناس من البرّ بهم ، وكان لا يبلغه انّ أحداً أبرّ أحداً منهم بشيء ، وإن قل إلاّ أنهكه عقوبة ، واثقله غرماً ، حتّى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة ثمّ يرقعنه ، ويجلسن على مغازلهن عواري حاسرات. (١)
هكذا شاء أمير المؤمنين المتوكل على الله ، أن تقبع العلويات في بيوتهن عاريات يتبادلن القميص المرقع عند الصلاة ، وان تختال الفاجرات العاهرات بالحلي وحلل الديباج بين الاماء والعبيد ... لقد أرسل الرشيد إلى بنات الرسول من يسلب الثياب عن أبدانهن ، أمّا المتوكّل فقد شدد وضيق عليهن ، حتّى ألجأهن إلى العري ، وهكذا تتطور الفلسفات والمناهج مع الزمن على أيدي القرشيين العرب أبناء الأمجاد والأشراف!
لقد تفرق العلويون أيام المتوكل ، فمنهم من توارى فمات في حال تواريه كأحمد بن عيسى الحسين وعبد الله بن موسى الحسيني ، ومنهم من ثار على القهر والجور كمحمد بن صالح ومحمد بن جعفر.
ولم يكتف المتوكل بالتنكيل بالأحياء ، حتّى اعتدى على قبور الأموات فهدم
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.