وأبوه ياسر وأُمّه سمية ، وقُتلَ الأبوان لأنّهما لم يظهرا الكفر ولم ينالا من النبيّ ، وأعطاهم عمّار ما أرادوا منه ، فأطلقوه ، ثمّ أخبر عمّار بذلك رسول الله ، وانتشر خبره بين المسلمين ، فقال قوم : كفر عمّار ، فقال الرسول : «كلاّ إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه».
وفي ذلك نزلت الآية السابقة ، وكان عمّار يبكي ، فجعل رسول الله يمسح عينيه ويقول : «إن عادوا لك فعد لهم بما قلت». (١)
٢. وقال الزمخشري : روي أنّ أُناساً من أهل مكّة فُتِنُوا فارتدّوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أُكره وأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان ، منهم عمّار بن ياسر وأبواه : ياسر وسمية ، وصهيب وبلال وخبّاب.
أمّا عمّار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً .... (٢)
٣. وقال الحافظ ابن ماجة : والايتاء : معناه الاعطاء أن وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية ، والتقية في مثل هذه الحال جائزة ، لقوله تعالى : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ). (٣)
٤. وقال القرطبي : قال الحسن : التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة ـ ثمّ قال : ـ أجمع أهل العلم على أنّ من أُكره على الكفر حتّى خشى على نفسه القتل إنّه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تَبين منه زوجته ولا يُحكم عليه بالكفر ، هذا قول مالك والكوفيين والشافعي (٤).
__________________
(١) مجمع البيان : ٣ / ٣٨٨.
(٢) الكشاف عن حقائق التنزيل : ٢ / ٤٣٠.
(٣) ابن ماجة : السنن : ١ / ٥٣ ، شرح حديث رقم ١٥٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن : ٤ / ٥٧.