التقيّة باللسان من حُمِلَ على أمر يتكلّم به وهو لله معصية فتكلم مخافة نفسه (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فلا إثم عليه ، إنّما التقية باللسان. (١)
٢. وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى : (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) : رخّص لهم في موالاتهم إذا خافوهم ، والمراد بتلك الموالاة : مخالفة ومعاشرة ظاهرة ، والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع. (٢)
٣. قال الرازي في تفسير قوله تعالى : (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) : المسألة الرابعة : اعلم : أنّ للتقية أحكاماً كثيرة ، ونحن نذكر بعضها :
ألف : إنّ التقيّة إنّما تكون إذا كان الرجل في قوم كفّار ، ويخاف منهم على نفسه ، وماله ، فيداريهم باللسان ، وذلك بأن لا يظهر العداوة باللسان ، بل يجوز أيضاً أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة ، ولكن بشرط أن يضمر خلافه وأن يعرض في كل ما يقول ، فإنّ للتقيّة تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب.
ب : التقيّة جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة : لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز ، لقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» ، ولقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «من قتل دون ماله فهو شهيد». (٣)
٤. وقال النسفي : (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) إلاّ أن تخافوا جهتهم أمراً يجب اتّقاؤه ، أي ألاّ يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك ومالك فحينئذ يجوز لك اظهار الموالاة وإبطان المعاداة. (٤)
٥. وقال الآلوسي : وفي الآية دليل على مشروعية التقية وعرَّفوها بمحافظة
__________________
(١) جامع البيان : ٣ / ١٥٣.
(٢) الكشاف : ١ / ٤٢٢.
(٣) مفاتيح الغيب : ٨ / ١٣.
(٤) تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن : ١ / ٢٧٧.