باللسان ، وأين هذا من التقية التي هي على العكس تماماً (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فهي إظهار الكفر وإخفاء الإيمان وستره بالقلب ، وأمّا تقية الشيعة فهي تَكْمُنُ في إخفاء الاعتقاد بالإمامة والولاية لأهل البيت ـ عليهمالسلام ـ يعني ستر التشيع مع التظاهر بموافقة الآخرين في عقيدتهم تجاه الإمامة وفي الوقت نفسه يشاركون المسلمين في الشهادتين والإيمان بالقيامة ، ويمارسون العبادات ويعملون بالفروع ويعتقدون ذلك بقلوبهم ويعيشون هذه العقيدة بوجدانهم وبأرواحهم.
نعم من فسر النفاق بمطلق مخالفة الظاهر للباطن وبه صوّر التقية ـ الواردة في الكتاب والسنّة ـ من فروعه ، فقد فسره بمفهوم أوسع ممّا هو عليه في القرآن ، فانّه يعرف المنافقين بالمتظاهرين بالإيمان والمبطنين للكفر بقوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (١) فإذا كان هذا حدّ المنافق فكيف يعمّ من يستعمل التقية تجاه الكفار والعصاة فيُخفي إيمانه أو عقيدته في ولاء أهل البيت ويظهر الموافقة لغاية صيانة النفس والنفيس والعرض والمال من التعرض؟!
ويظهر صدق ذلك إذا وقفنا على ورودها في التشريع الإسلامي ، ولو كانت من قسم النفاق ، لكان ذلك أمراً بالقبيح ويستحيل على الحكيم أن يأمر به (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (٢)
الشبهة الثانية : لما ذا عُدَّت التقية من أُصول الدين؟
قد نقل عن أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ انّهم قالوا : التقية ديني ودين آبائي ، ولا
__________________
(١) المنافقون : ١.
(٢) الأعراف : ٢٨.