روى شيخنا المفيد قال : كتب علي بن يقطين (الوزير الشيعي للرشيد) إلى الإمام الكاظم ـ عليهالسلام ـ يسأله عن الوضوء؟ فكتب إليه أبو الحسن ـ عليهالسلام ـ : «فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلّل شعر لحيتك ، وتغسل يديك من أصابعك إلى المرفقين ثلاثاً ، وتمسح رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر أُذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره.
فلمّا وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجب مما رسم له أبو الحسن ـ عليهالسلام ـ فيه ممّا أجمع العصابة على خلافه ، ثمّ قال : مولاي أعلم بما قال : وأنا أمتثل أمره ، فكان يعمل في وضوئه على هذا الحد ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالاً لأمر أبي الحسن ـ عليهالسلام ـ ، وسُعِيَ بعلي بن يقطين إلى الرشيد ، وقيل : إنّه رافضي ، فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر ، فلمّا نظر إلى وضوئه ناداه : كذب يا علي بن يقطين من زعم أنّك من الرافضة ، وصلحت حاله عنده ، وورد عليه كتاب أبي الحسن ـ عليهالسلام ـ : «ابتدأ من الآن يا علي بن يقطين وتوضّأ كما أمرك الله تعالى ، اغسل وجهك مرة فريضة وأُخرى إسباغاً واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كنّا نخاف منه عليك ، والسلام». (١)
ترى أنّ الإمام أنقذ علي بن يقطين من الموت من خلال أمره بالتقية وكم له في التاريخ من نظير ، وكفى شاهداً قصة عمّار وأبيه وأُمّه المتقدّمة.
__________________
(١) الوسائل : ١ ، الباب ٣٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٣.