دلّت الرواية على ثبوت التقية ومشروعيتها في كلّ شيء ممنوع لو لا التقية ، إلاّ في الفعلين المذكورين ، فاستثناء المسح على الخفين مع كون المنع فيه عند عدم التقية منعاً غيرياً دليل على عموم الشيء لكلّ ما يشبهه من الممنوعات ، لأجل التوصّل بتركها إلى صحّة العمل ، فدلّ على رفع التقية لمثل هذا المنع الغيري وتأثيرها في ارتفاع أثر ذلك الممنوع منه ، فيدلّ على أنّ التقية ثابتة في التكفير في الصلاة مثلاً ، بمعنى عدم كونه ممنوعاً عليه فيها عند التقية ، وكذا في غسل الرجلين واستعمال النبيذ في الوضوء ونحوهما. (١)
فظهر ببركة هذه الروايات انّ العمل الموافق للتقية مجزي مطلقاً.
فإن قلت : قد ورد في بعض الروايات وجوب القضاء لمن أفطر في شهر رمضان تقية ، نظير :
١. ما رواه الكليني بسند صحيح عن داود بن الحصين ، عن رجل من أصحابه ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ أنّه قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس : إنّي دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان ، فسلّمت عليه ، فقال : يا أبا عبد الله أصمت اليوم؟ فقلت : لا والمائدة بين يديه ، قال : فادنُ فكل ، قال : فدنوت فأكلت ، قال : وقلت : الصوم معك والفطر معك ، فقال الرجل لأبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ : تفطر يوماً من شهر رمضان؟! فقال : «أي والله أفطر يوماً من شهر رمضان وأقضي أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي». (٢)
٢. ما رواه الكليني عن رفاعة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «دخلت على أبي العباس بالحيرة ، فقال : يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال :
__________________
(١) لاحظ رسالة التقية للشيخ الأنصاري : ٥٦ ـ ٥٧.
(٢) الوسائل : ٧ ، الباب ٥٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٤.