إنّ الاختلاف بين الفقهاء أمر مستحسن ، إذ في ظلّه تتلاقى الأفكار وتتلاقح الآراء ، ويُثمر عن نتائج بنّاءة تعود بالنفع إلى الأُمّة الإسلامية ، ولعلّ على هذا ورد في بعض الآثار انّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «اختلاف أُمّتي رحمة» فالمراد من هذا الاختلاف هو جانبه الإيجابي ، المؤدّي إلى الوصول إلى الحقيقة.
وثمة وجه مشترك بين الاختلاف والشكّ ، فكما أنّ الشكّ قنطرة إلى اليقين فكذلك الاختلاف الموضوعي هو القنطرة الأُخرى لنيل الحقيقة شريطة أن لا يراوح في مكانه بل يتجاوزه إلى اليقين.
فلأجل هذه الغاية طرحت هذه المسائل على طاولة البحث ، ليكون حافزاً للمفكرين على مناقشة هذه المسائل في ظل إقامة مؤتمر فقهي يجمع كافة المذاهب الإسلامية حتّى ينفض عن وجهها غبار الاختلاف المضني ، ويتجلى وجه الحقيقة بأنصع صورها ولا ينال هذا الهدف إلاّ بإزالة العراقيل أمام الجهود المخلصة للوصول إلى الحقّ.
وهذه العراقيل عبارة عن ضرورة التعرف على جذور الاختلاف ومحاولة استئصالها على ضوء المنهج الموضوعي بعيداً عن التعصب المقيت.
وقد دونت هذه البحوث لتكون خطوة متواضعة للوقوف على جذور الاختلاف كي يُبان الحقُ ويُتَّبع ، ويأتي ذلك في ضمن فصول :