الأوّل دون الثاني ، والقائل بكون أفعاله ومنها تشريعاته ، معللة بالأغراض والغايات والدواعي والمصالح ، انّما يعني المعنى الثاني دون الأوّل ، والغرض بالمعنى الأوّل ينافي كونه غنياً مطلقاً في ذاته ، وصفاته ، وأفعاله ولكن إثبات الغرض بالمعنى الثاني يخرج فعله سبحانه عن العبث واللغو ، فالجمع بين كونه سبحانه غنياً غير محتاج إلى شيء ، وكونه حكيماً منزهاً عن العبث واللغو يتحقّق بالقول باشتمال أفعاله على مصالح وحكم ترجع إلى العباد لا إلى وجوده وذاته.
ثمّ إنّ النصوص الصريحة تؤيد موقف الإمامية في ذلك.
يقول سبحانه : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ). (١)
وقال عزّ من قائل : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ). (٢)
وقال سبحانه : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ). (٣)
وقال سبحانه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ). (٤) إلى غير ذلك من الآيات التي تنفي العبث عن فعله وتصرح باقترانه بالحكمة والغرض.
إجابة عن سؤال
قد تقدّم في الفصل الثاني انّ العقل من مصادر التشريع في موردين فقط :
١. إذا استقل بحسن الفعل أو قبحه.
٢. إذا أدرك الملازمة بين الحكمين.
__________________
(١) المؤمنون : ١١٥.
(٢) الدخان : ٣٨.
(٣) ص : ٢٧.
(٤) الذاريات : ٥٦