ودليلاً عليها ، ألا ترى أنّه لا فرق في العلم بتحريم النبيذ المسكر مثلاً بين أن ينصَّ الشارع على تحريم جميع المسكر ، وبين أن ينصَّ على تحريم الخمر بعينها ، وينص على أنّ العلّة في هذا التحريم ، الشدة.
ولا فرق بين أن ينصّ على العلة ، وبين أن يدل بغير النص على أنّ تحريم الخمر لشدتها أو ينصب لنا أمارة تغلب في الظن عندها انّ تحريم الخمر لهذه العلّة مع إيجابه القياس علينا في هذه الوجوه كلّها ، لأنّ كلّ طريق منها ، يوصل إلى العلم بتحريم النبيذ المسكر ، ومن منع من جواز ورود العبادة بأحدها كمن صنع من جواز ورودها بالباقي. (١)
الرابع : أقسام القياس
القياس ينقسم إلى منصوص العلة ومستنبطها.
فالأوّل عبارة عمّا إذا نصّ الشارع على علّة الحكم وملاكه على وجه علم انّه علّة الحكم التي يدور الحكم موردها ، لا حكمته التي ربما يتخلّف الحكم عنها.
والثاني : فيما إذا لم يكن هناك تنصيص من الشارع عليها ، وإنّما قام الفقيه باستخراج علّة الحكم بفكره وجُهده ، فيطلق على هذا النوع من القياس ، مستنبط العلّة.
وينقسم مستنبط العلّة إلى قسمين :
تارة يصل الفقيه إلى حد القطع بأنّ ما استخرجه علّة الحكم ومناطه ، وأُخرى لا يصل إلاّ إلى حدّ الظن بكونه كذلك.
__________________
(١) غنية النزوع : ٣٨٦ ، قسم الأُصولين ، الطبعة الحديثة.