إنّ الحديث اشتمل على وصفين كلّ منهما صالح للتعليل ، وهما الصغر والبكارة ، وبما انّه عُلّلت ولاية الولي على الصغيرة في المال في آية (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (١) وما دام الشارع قد اعتبر الصغر علة للولاية على المال ، والولاية على المال والولاية على التزويج نوعان من جنس واحد وهو الولاية ، فيكون الشارع قد اعتبر الصغر علّة للولاية على التزويج بوجه من وجوه الاعتبار ، ولهذا يقاس على البكر الصغيرة من في حكمها من جهة نقص العقل ، وهي المجنونة أو المعتوهة ، وتقاس عليها أيضاً الثيّب الصغيرة.
وبذلك أسقطوا دلالة لفظ البكارة من الحديث مع إمكان أن تكون جزءاً من التعليل كما هو مقتضى جمعها مع الصغر لو أمكن استفادة التعليل من أمثال هذه التعابير. (٢)
فانّ استخراج الحكم الشرعي عن هذا الطريق أمر لا يعتمد عليه إلاّ إذا ورد الدليل القاطع على حجّيته.
مضافاً إلى أنّ قياس باب النكاح بباب التصرف في الأموال ، قياس مع الفارق ، فانّ العناية بصيانة مال الصغير تستدعي أن يكون الموضوع هو الصغر ذكراً كان أو أُنثى ، بكراً كان أو ثيباً ، إذ لا دخالة لهذه القيود في أمر الصيانة ولهذا يعم الحكم جميع أفراد الصغير ، وهذا بخلاف باب النكاح فيحتمل فيه الفرق بين الصغير البكر والثيب نظير الفرق بين الكبير البكر والثيب حيث ذهب جماعة إلى أنّ الأُولى أيضاً لا تزوّج إلاّ بإذن الوليّ.
__________________
(١) النساء : ٦.
(٢) الأُصول العامة للفقه المقارن : ٢٩٨.