أمراً واضحاً كالشمس في رائعة النهار ، وأين هذا من القياس في الأُمور التشريعية الاعتبارية في الموارد التي يصل المجتهد فيها إلى الجهة المشتركة بالسبر والتقسيم وربما يظن الذي لا يفيد سوى الظن بالمشاركة ، فتعميم مفاد الآية إلى التشريع لا يصحّ إلاّ بضرب من القياس والاستدلال عليه بالآية عندئذ يستلزم الدور كما مرّ نظيره.
٥. آية جزاء الصيد
قال الله تعالى : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) (١).
قال الشافعي : فأمرهم بالمثْل ، وجعل المثْل إلى عدلين يحكمان فيه فلمّا حُرِّم مأكولُ الصيد عامّاً كانت لدوابّ الصيد أمثال على الأبدان ، فحكم مَنْ حكم من أصحاب رسول الله على ذلك فقضى في الضَّبع بكبش وفي الغزال بعنز ، وفي الأرنب بعناق ، وفي اليربوع بجفرة. (٢)
والعلم يحيط أنّهم أرادوا في هذا ، المثل بالبدن لا بالقيم ، ولو حكموا على القيم اختلفت أحكامهم لاختلاف أثمان الصيد في البلدان ، وفي الأزمان وأحكامهم فيها واحدة.
والعلم يحيط أنّ اليربوع ليس مثل الجفرة في البدن ، ولكنّها كانت أقرب الأشياء منه شبهاً فجعلت مثله ، وهذا من القياس ، يتقارب تقارب العنز والظبي ،
__________________
(١) المائدة : ٩٥.
(٢) العناق ـ بفتح العين المهملة ـ : هي الأُنثى من أولاد المعز ما لم يتمّ له سنة ، والجفرة : ما لم يبلغ أربعة أشهر وفصل عن أُمّه وأخذ في الرعي.