الخصم ومسلماته.
وثانياً : أنّ الكبرى وهي أنّ أحكام الشرع تابعة للمصالح والمفاسد أمر مسلّم ، إنّما الكلام في الوقوف على مناط الحكم وعلّته ، وأمّا ما مثّله من قياس النبيذ على الخمر فهو خارج عن محلّ الكلام ، لأنّا نعلم علماً قطعياً واضحاً بأنّ مناط التحريم هو الإسكار ، ولأجل ذلك جاءت في روايات أئمّة أهل البيت : حرّم الله عزّ وجلّ الخمر بعينها وحرّم رسول الله المسكر من كلّ شارب فأجاز الله له ذلك. (١) وإنّما الكلام في أنّ الظنّ بالعلّة هل يغني عن مُرّ الحق شيئاً؟ وهل المظنون كونه علّة يكون علّة حقيقة ، أو أنّ هناك احتمالات أُخرى قد مضى بيانها عند بيان استنباط العلّة؟
إنّ المستدل جعل القياس في مسألة اتّفق عليها العقل والعقلاء والنصوص الشرعية ، دليلاً على حجّيته في عامة الموارد التي لم تُعلم الجهةُ المشاركة المظنونة هي علة الحكم في الأصل فكيف في الفرع ، وإنّما ظن المستدل به ، فكيف يمكن أن يحتج بالظن على الحكم الشرعي الذي لم يقم عليه دليل.
٢. إنّ نصوص القرآن والسنّة محدودة ومتناهية ، ووقائع الناس وأقضيتهم غير محدودة ولا متناهية ، فلا يمكن أن تكون النصوص المتناهية وحدها مصادر تشريعية لما لا يتناهى.
وبعبارة أُخرى : القياس هو المصدر التشريعي الذي يساير الوقائع المتجدّدة ، ويكشف حكم الشريعة فيما يقع من الحوادث ويوفّق بين التشريع والمصالح. (٢)
__________________
(١) الكافي : ١ / ٢٦٦.
(٢) مصادر التشريع الإسلامي : ٣٥ ، وانظر : المنخول من تعليقات الأُصول : ٣٥٩ و ٣٢٧.