الضرر. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الرازي خلط بين القاعدتين العقليتين المحكمتين :
١. قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
٢. وجوب دفع الضرر المظنون بل المحتمل.
أمّا القاعدة الأُولى فهي قاعدة محكمة دلّ العقل والنقل على صحّتها أمّا العقل فواضح فانّ استقلال العقل بالقبح شيء لا ينكر وأمّا النقل فيكفي قوله سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). (٢)
فإذا لم يرد في واقعة دليل شرعي على الحرمة أو الوجوب يستقل العقل بقبح عقاب المكلّف إذا ارتكب حتى ولو ظن بأحد الحكمين ، وذلك إمّا لأنَّه لا يكون هناك ظنّ بالضرر أو يكون ظنّ به لكن لا يكون مثله واجب الاجتناب.
وذلك لأنّه لو أُريد بالضرر ، الضرر الأُخروي فهو مقطوع الانتفاء بحكم تقبيح العقل مثل ذلك العقاب وتأييد الشرع ، ففي مثل ذلك المورد لا يكون الظن بالحرمة أو الوجوب ، ملازماً للظن بالضرر أبداً لعدم تمامية الحجّة على المكلّف.
ولو أُريد بالضرر ، الضرر الدنيوي فهو وإن كان ملازماً للظنِّ بالحكم غالباً نظراً إلى تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، لكنّه ليس بواجب الدفع إلاّ إذا كان ضرراً عظيماً لا يتحمل ففي مثله يستقل العقل بدفعه.
وحصيلة الكلام : انّ القياس لما لم تثبت حجّيته فالظن بالحكم لأجله ، لا يلازم الظن
__________________
(١) المحصول : ٢ / ٢٨٨.
(٢) الإسراء : ١٥.