الصنّاع ، وما هذا إلاّ لأنّ عدم تضمينهم ربما ينتهي إلى إهمالهم في حفظ أموال الناس. (١)
وروي أنّ الإمام الشافعي يذكر انّه قد ذهب شريح إلى تضمين القصّار فضمّن قصّاراً احتُرق بيته ، فقال : تضمّنني وقد احترق بيتي ، فقال شريح : أرأيت لو احترق بيته كنت تترك له أجرك. (٢)
وعلى ضوء هذا المثال ربما يفسر الاستحسان : بترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس.
أقول : المثال قابل للنقاش.
أوّلاً : ليس المورد من موارد القياس ، لأنّ قياس الأجير ، بالودعي قياس مع الفارق ، فإنّ الأوّل يأخذ المال لصالحه بُغية أخذ الأُجرة لعمله ، وهذا بخلاف الودعي فانّه يأخذ المال لصالح صاحب المال ، فقياس الأوّل بالثاني مع هذا الفارق ، قياس مع الفارق.
ثانياً : إذا كان المورد غير صالح لاعمال القياس ـ لفقدان بعض شرائطه ـ فيكون المرجع ، هو الأصل الأوّلي في الأموال ، وليس إلاّ الاحترام والضمان حتى يثبت خلافه لا الاستحسان «أعني : كون الضمان أوفق للناس ، أو لئلاّ ينتهي إلى الإهمال في أموال الناس». فإذا أتلفه الأجير أو تلف عنده فمقتضى قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» هو الضمان ما لم يدل دليل على خلافه كما دلّ في مورد الودعي حيث ليس لصاحب المال تغريم الودعي ، نعم لصاحب المال إحلافه على أنّ التلف لم يكن عن تعد أو تفريط ، ولذلك قالوا : «ليس على الأمين إلاّ اليمين».
__________________
(١) السنن الكبرى : ٣ / ١٢٢.
(٢) السنن الكبرى : ٣ / ١٢٢.