والشافعية ، فقد ذهب الأوّلان إلى أنّ الاستصلاح طريق شرعي لاستنباط الحكم فيما لا نصّ فيه ولا إجماع ، وانّ المصلحة المطلقة ـ التي لا يوجد دليل من الشرع يدل على اعتبارها ولا على إلغائها ـ مصلحة صالحة لأن يبنى عليها الاستنباط.
والمعروف من الحنفية انّهم لا يأخذون بالاستصلاح ، وكذا الشافعية ، حتى روي عن الشافعي انّه قال : «من استصلح فقد شرّع» ، كما أنّ «من استحسن فقد شرّع» ، والاستصلاح كالاستحسان متابعة الهوى.
وقد اعتبرها الإمام مالك بشروط ثلاثة :
١. أن لا تنافي إطلاقَ أُصول الشرع ، ولا دليلاً من أدلّته.
٢. أن تكون ضرورية للناس مفيدة لهم ، أو دافعة ضرراً عنهم.
٣. أن لا تمسّ العبادات ، لأنّ أغلبها لا يعقل لها معنى على التفسير.
والفرق بين الأدلة الثلاثة واضح.
فالقياس عبارة عن استنباط حكم الفرع عن الأصل بحجّة اشتراكهما في العلّة.
والاستحسان عبارة عن العدول عن مقتضى دليل إلى دليل آخر بوجه من الوجوه.
والاستصلاح عبارة عن حيازة المصلحة المطلقة في مورد ، لم يرد من الشارع دليل لصيانتها ولا لإلغائها.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنّهم استدلّوا على القاعدة بوجوه سيأتي التعرض لها والأولى بيان صور الاستصلاح :