الثانوية على أحكام العناوين الأوّلية ما دام الحرج باقياً ، أو تقديم الأهم من الحكمين على المهم ، وهذا النوع من الأحكام ليست أوّلية ، كوجوب الصلاة ولا ثانوية كالتيمم عند فقدان الماء ، بل صلاحيات خوّلها الشارع إلى الحاكم الشرعي لما يتمتع به من ولاية على الناس. فهذا النوع من التصرّف لغاية تطبيق الأحكام على صعيد الحياة.
يقول الأُستاذ خلاف : «إنّ الوقائع تحدث ، والحوادث تتجدد ، فلو لم ينفتح للمجتهدين باب التشريع بالاستصلاح ، ضاقت الشريعة الإسلامية عن مصالح العباد وقصرت عن حاجاتهم ، ولم تصلح لمسايرة مختلف الأزمنة والأمكنة والبيئات والأحوال مع أنّها الشريعة العامة لكافة الناس وخاتمة الشرائع كلّها. (١)
ما ذكره الأُستاذ مؤلّف من أمرين قد خلط بينهما :
١. انّ النصوص المتناهية غير وافية لاستنباط الحوادث الطارئة غير المتناهية فلا بدّ من الأخذ بقاعدة الاستصلاح ، للإجابة عليها.
وقد استدلّ به على حجّية القياس وقد تقدّم انّ الحوادث وإن كانت غير متناهية ، لكن في الإطلاقات والعمومات ، مضافاً إلى القول بحجّية العقل من باب التحسين والتقبيح غنى وكفاية.
٢. لو لم نقل بالاستصلاح ضاقت الشريعة الإسلامية عن مصالح العباد ... ، لكن الفقيه إذا عرف موانع الأدلّة ودرجاتها ، فهي في غنى عن التشريع والاستصلاح وأخص بالذكر أمرين :
١. معرفة الأدلّة الثانوية كالضرر والحرج والعسر وما يحكم به العقل في موارد التزاحم.
__________________
(١) مصادر التشريع الإسلامي : ٧٥.