أُنس لهم به.
ومنه يظهر ضعف ما جاء به بعض المعاصرين حيث يقول في جملة كلامه :
إنّ الصحابة هم الذين عاصروا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ونقلوا أقواله وأفعاله ، فكانوا أعرف الناس بأسرار التشريع الإسلامي ومصادره وموارده ، فمن اتّبعهم فهو من الذين قال الله فيهم : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) ثمّ نقل عن الإمام أبي حنيفة ، أنّه كان يقول : إذا لم أجد في كتاب الله ولا سنّة رسول الله ، أخذت بقول من شئت من أصحابه ، وتركت من شئت ، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم. (١)
يلاحظ عليه بأمرين :
١. كونهم أعرف بآراء التشريع لا يلازم كون المنقول ممّا سمعه ، إذ من المحتمل انّه استنبطه من الأدلّة بحجّة أنّهم أعرف بأسرار التشريع.
٢. انّ ما نقله من أبي حنيفة يدلّ على حرمة الخروج عن أقوال الصحابة إذا علم إجمالاً أنّ الحقّ غير خارج عن أقوالهم المتعارضة ، وأين هذا من الأخذ بقول كلّ صحابي وإن لم ينحصر الحقّ في قوله؟!
وهناك نكتة أُخرى وهي انّ الصحابة لو كانوا مقتصرين في مقام الأخذ ، على سنّة الرسول فقط كان لما ذكره وجه ، ولكنّهم ـ مع الأسف ـ لم يقتصروا عليها ، بل أخذوا من مستسلمة أهل الكتاب ، فقد أخذ أبو هريرة وابن عباس من كعب الأحبار ـ الذي عدّوه من أوعية العلم ـ كثيراً ، كما أخذ عنه وعن أضرابه كتميم
__________________
(١) مصادر التشريع الإسلامي : ٢٦٩ ـ ٢٧٧ ؛ ولاحظ كتاب الأُمّ : ٧ / ٢٤.