الإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثمّ يصف بأنّه لو كان أهل الكتاب مثلكم لكان خيراً لهم ، ولكنّهم اختلفوا ، منهم أُمّة مؤمنون وأكثرهم فاسقون. ويدلّ على ما ذكر ذيل الآية ، وإليك الآية بتمامها : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ). (١)
فاتّضح بذلك انّ الآية ليست بصدد إثبات الاستقامة للصحابة في عامّة الأحوال ولا بصدد إثبات العدالة لهم ، ولا لإفاضة الحجّية على أقوالهم وآرائهم ، وليست للآية أي صلة بهذا الموضوع ، بل يدور المعنى على أحد أمرين :
إذا قلنا بأنّ فعل «كنتم» منسلخ عن الزمان يكون الهدف مدح المسلمين عامة لأجل اتّصافهم بالأوصاف الواردة بالآية ١. الأمر بالمعروف ، ٢. النهي عن المنكر ، ٣. الإيمان بالله ، ٤. ووحدة الكلمة المفهومة من قوله «أُمّة».
ومن المعلوم أنّ عامّة المسلمين لا يشاركون في هذه الأوصاف ، بل عدّة منهم بوصف الجميع باعتبار وصف البعض. ولو افترضنا تواجدها في جميعهم ، لما كان أيضاً دليلاً على حجّية آرائهم.
وإذا قلنا : إنّ فعل «كنتم» غير منسلخ عن الزمان والآية تختص بالمهاجرين والأنصار ، فالآية بصدد تنبيه أهل الكتاب وتذكيرهم بأن يتّصفوا بأوصاف المسلمين ويكونوا مثلهم في الأوصاف الأربعة ، لكنّهم ـ للأسف ـ ليسوا على وتيرة واحدة ، فقليل منهم مؤمن بالله وأكثرهم فاسقون.
هذا كلّه حول الآية الأُولى.
وأمّا الآية الثانية ، أعني قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ
__________________
(١) آل عمران : ١١٠.