والمرسلين ، واختار لي منهم أربعة : أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً ، فجعلهم خير أصحابي كلّهم خير» ويروى في بعض الأخبار : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» إلى غير ذلك ممّا في معناه. (١)
يلاحظ على الاستدلال : أنّ الشاطبي أرسل هذه الروايات إرسالَ المسلّمات من دون أن يبحث عن أسانيدها وما جاء فيها من الطعون ، ونحن أيضاً نتغافل عمّا حول الأسانيد من الضعف والنكارة ونركّز الأمر على المضامين.
أمّا الحديث الأوّل ، أعني قوله : «فعليكم سنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهتدين ...» فقد ذكر محقّق كتاب الموافقات انّه قطعة من الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي ولم يصف السند بشيء ، فهو قاصر عن إثبات عدالة عامّة الصحابة وبالتالي حجّية أقوالهم ومذاهبهم ، فانّه يختص بالخلفاء الأربعة لا غير.
أضف إلى ذلك انّ العمل بمضمونه مستحيل لاختلاف سيرة الخلفاء وكيف يمكن أن يتعبّدنا الشارع بالمتناقضات من سيرتهم.
وهذا هو أبو بكر ساوى في توزيع الأموال الخراجية وخالفه عمر حيث فاوت فيها ، وكان أبو بكر يرى طلاق الثلاث واحداً ، ورآه عمر ثلاثاً.
وأمّا الاختلاف بين سيرة الشيخين وعثمان فواضح جدّاً حتّى أنّ اختلافه معهما أودى بحياة الخليفة وأثار حفيظة المسلمين على خلافته فقتل في عقر داره.
كما أنّ اختلاف سيرة علي مع عثمان بل مع الجميع واضح لمن استقرأ التاريخ ، فكيف يمكن للنبي أن يتعبّدنا بالعمل بالمتناقضات؟!
وأمّا الحديث الثاني ، أعني قوله : «تفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ واحدة» فيكفي في نكارة الحديث.
أوّلاً : انّ هذه الزيادة غير موجودة في بعض نصوص الرواية ، ولا يصحّ أن
__________________
(١) الموافقات للشاطبي : ٤ / ٥٦.