وعلى ضوء ذلك فالمراد من التصويب هو نفي القول بالإثم الذي أصرّ عليه بشر المريسيّ لا إصابة كلّ مجتهد للحق الملازم لنفي الحكم المشترك ، وكيف يمكن نسبة القول بالتصويب بمعنى نفي حكم الله في الواقعة مع أنّهم رووا في كتبهم عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر. (١)
وممّن جزم بالمعنى الثالث الشوكاني فقال : إنّ المجتهد لا يأثم بالخطإ ، بل يؤجر على الخطأ بعد أن يُوفي الاجتهاد حقّه ، ولم نقل انّه مصيب للحقّ الذي هو حكم الله في المسألة ، فإنّ هذا خلاف ما نطق به رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في الحديث حيث قال ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «إن اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر».
فتلخص من ذلك انّ الأقوال في تخطئة المجتهد وتصويبه لا يتجاوز عن أربع.
١. انّ لله سبحانه في كلّ واقعة حكماً واقعياً بلّغه الرسول مباشرة أو غير مباشرة ، والمجتهد إمّا يصيبه أو يخطأه ، وهذا ما عليه الإمامية ، وهو مقتضى إكمال الدين.
٢. ليس لله تعالى في الواقعة التي ليس فيها نصّ حكم معيّن. وهذا هو المنسوب إلى الأشاعرة واختاره الغزالي ، وقد أطال الكلام في تقريبه ودفع ما يورد عليه من الشبه ، وقد تصعّد وتصوب ولكنّه لم يتمكن من رفع الدور المتوجه إلى هذه النظرية.
٣. انّ لله سبحانه في كلّ واقعة حكماً معيناً يتوجه إلى الطلب ، إذ لا بدّ
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ٢٦٨ ؛ صحيح مسلم : ٣ / ١٢٢ ؛ وسنن أبي داود : ٣ / ٣٠٧ ؛ المستدرك : ٤ / ٨٨