حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (١)
كان للعرب في الجاهلية طلاق وعدّة مقدرة للمطلقة ، ورجعة للمطلِّق أثناء العدة ، ولكن لم يكن للطلاق عدد معيّن ، فربما طلّق الرجل امرأته مائة مرة وراجعها ، وتكون المرأة بذلك أُلعوبة بيد الرجل يضارّها بالطلاق والرجوع متى شاء.
وجاء في بعض الروايات : انّ رجلاً قال لامرأته : لا أقربك أبداً ، ومع ذلك تبقين في عصمتي ، ولا تستطيعين الزواج من غيري ، قالت له : كيف ذلك؟ قال : أُطلّقك ، حتى إذا قرب انقضاء العدة راجعتُكِ ، ثمّ طلقتُكِ ، وهكذا أبداً ، فشكته إلى النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، فأنزل سبحانه : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ). (٢) أي أنّ الطلاق الذي شرع الله فيه الرجوع هو الطلاق الأوّل والثاني فقط وأمّا الطلاق الثالث فلا يحلّ الرجوع بعده حتّى تنكح زوجاً غير المطلق ، فعندئذ لو طلّقها فيحلّ للأوّل نكاحها ، هذا هو مفهوم الآية :
(فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). (٣)
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ
__________________
(١) البقرة : ٢٢٩.
(٢) مجمع البيان : ١ / ٣٢٨ ؛ تفسير البغوي : ١ / ٣٢٨ ؛ تفسير البغوي : ١ / ٣٠٤ ؛ روح المعاني : ٢ / ١٣٥ ؛ الكاشف : ١ / ٣٤٦.
(٣) البقرة : ٢٣٠.