الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً).
الثاني : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً). (١)
فقوله في الآية الأُولى : (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) قرينة على أنّ المراد من قوله : (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) إيتاء الأجر المضاعف لا الأجر بعد الأجر ، فلا يكون استعماله مرّتين في المضاعف فيها دليلاً على سائر المقامات.
قال الجصاص : والدليل على أنّ المقصد في قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) الأمر بتفريق الطلاق وبيان حكم ما يتعلّق بإيقاع ما دون الثلاث من الرجعة انّه قال : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ، وذلك يقتضي التفريق لا محالة ، لأنّه لو طلّق اثنتين معاً لما جاز أن يقال : طلّقها مرّتين ، وكذلك لو دفع رجل إلى آخر درهمين لم يجز أن يقال : أعطاه مرتين ، حتى يفرق الدفع ، فحينئذ يطلق عليه ، وإذا كان هذا هكذا ، فلو كان الحكم المقصود باللفظ هو ما تعلّق بالتطليقتين من بقاء الرجعة لأدّى ذلك إلى إسقاط فائدة ذكر المرّتين ، إذ كان هذا الحكم ثابتاً في المرة الواحدة إذا طلّق اثنتين ، فثبت بذلك أنّ ذكر المرتين إنّما هو أمر بإيقاعه مرتين ، ونهي عن الجمع بينهما في مرّة واحدة. (٢)
وقد قال ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا طلاق إلاّ بعد نكاح» ، وقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا طلاق قبل نكاح» ، وقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا طلاق لمن لا يملك». (٣)
فلا نكاح بعد الصيغة الأُولى حتّى يطلق.
__________________
(١) الأحزاب : ٣١٣٠.
(٢) أحكام القرآن : ١ / ٣٧٩٣٧٨.
(٣) السنن الكبرى : ٧ / ٣١٨ ـ ٣٢١ ؛ المستدرك للحاكم : ٢ / ٢٤ ، وغيرهما من المصادر المتوفرة.