وفاض الجود والإحسان حتّى |
|
حسبتهما عبابا أو أتيّا |
سألنا الله يعطينا إماما |
|
نسرّ به فأعطانا نديّا |
سمعت العدل أبا الفضل مسعود بن عليّ ابن النّادر وكان ممن له قرب واختصاص بخدمة الإمام المستضيء بأمر الله ـ قدّس الله روحه ـ يصفه باللّطف والرّأفة والإحسان ، وقال : كان يدفع إليّ الصّلة من المال ويأمرني أن أوصلها إلى أهل البيوت الفقراء والضّعفاء والأضرّاء والمساكين ، وربما سمّى لي قوما من أهل المحال الغربية خاملين لا يعرفون ، فأذهب إليهم وأسأل عنهم ، فإذا لقيتهم وجدتهم على غاية من الفقر والحاجة ، فأعجب من اتصال خبرهم بعلمه الشّريف ، ووقوفه على حالهم واستحقاقهم. وله في مدّة ولايته ، خصوصا في آخرها عند شدّة الغلاء الواقع في سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، من البرّ والصّدقة والإنعام الدّارّ إلى خلق من العلماء والفقراء والمساكين ما عظم قدره ، وشاع ذكره ، وعمّ نفعه ، وكبر وقعه ، تقبّل الله منه.
بلغنا أنّه ولد سحرة يوم الاثنين ثالث عشر شعبان من سنة ست وثلاثين وخمس مئة.
وبدئ به مرضه الذي توفّي فيه يوم عبد الفطر من سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وتوفي بعد العصر من يوم السّبت سلخ شوّال سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وغسّله العدل مسعود ابن النّادر بوصيته سحرة الأحد مستهل ذي القعدة ، وصلّي عليه ، ودفن بدار الصّخر التي كان يعمل بها دعوة الصّوفية في كل رجب في إيوانها. ثم نقل تابوته في ليلة النّصف من شعبان سنة ست وسبعين وخمس مئة إلى الجانب الغربي ، ودفن بتربته المنسوبة إليه بقصر بني المأمون على دجلة بوصيّة منه ، فكانت خلافته تسع سنين وستة أشهر وعشرين يوما ، وسنّه لما توفّي تسعا وثلاثين سنة وشهرين وسبعة عشر يوما ، رضياللهعنه.