قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن عثمان بن عبد الله العكبري الأصل الواعظ البغدادي ، ومنه نقلت ، قال : ثعلب بن مذكور كان حارسا بدار الخلافة المعظّمة ، وكان أعور يخضب بالحنّاء ، ويخالط الخاطئين ، يسكن درب فراشا.
ذكرت لشيخنا أبي بكر الحازمي ثعلبا هذا فقال : اجتمع جماعة من طلبة الحديث وعزموا على قصده ليسمعوا منه شيئا وطلبوا مني أن أحضر معهم ، ولم أكن عرفته ، فمضيت إلى درب فراشا لأنّه كان يسكن هناك في خان ، فلما انتهينا إلى الموضع المذكور وقفت قريبا منه ، وتقدّم الجماعة ليسألوا عنه هل هو حاضر أم لا. فبينا أنا واقف إذ مرّ بي شخص كان يعرفني فسلّم عليّ واستعرض حوائجي ، وسألني عن سبب وقوفي ، فذكرت له أني مع قوم من طلبة الحديث وقد جئنا لنسمع من شيخ يسمّى ثعلبا في هذا الموضع. فلما ذكرته له أكبر ذلك ، وقال : أعلى ثعيلب يسمعون؟ وصغّر شأنه ، وذكر من حاله ما لا يجوز السّماع منه ، فتركت الجماعة وانصرفت وما لقيته.
قلت : ومع ما ذكرنا من حاله فقد سمع منه قوم للشّره في الرّواية وطلب التّكثير ، والأولى ترك الرّواية عنه لما شاع من سوء طريقته ، عفا الله عنا وعنه.
توفّي ليلة خامس عشري شهر رمضان من سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، ودفن بالمقبرة المعروفة بالدّمشقي قريبا من الخاتونية الدّاخلة.
* * *