وهذا عبد الله كان باسمه مشهورا لا بكنيته ، فوجد بعض الطّلبة سماع جماعة على الشّيخ أبي محمد سبط الشّيخ أبي منصور الخيّاط ببعض كتب القراءات تصنيفه وفيهم «وأبو محمد عبد الله بن هبة الله بن أبي القاسم البزّاز» ، فسأل عنه فدلّوه إلى عبد الله ، فجاءه بالكتاب وأراه السّماع ، فاعترف به ، وقال : هذا اسمي وقد سمعت من الشّيخ أبي محمد هذا وغيره ، ومن غير الشّيخ أبي محمد أيضا ، وروى الكتاب فسمعه عليه جماعة. ثم ظهر له سماع شيء آخر على أبي بكر ابن الأشقر الدّلّال ، والاسم فيه كما تقدّم ، فسمع عليه أيضا. ووجد أيضا سماع على القاضي الأرمويّ مثل ذلك ، وسمع الناس منه مديدة ، وهو متقبّل بالسّماع متصدّ لذلك من غير إنكار حتى ردّ ذلك أبو نصر عبد الرحيم ابن النّفيس بن وهبان البزوريّ وقال : عبد الله الحيّ ليس بأبي محمد عبد الله الذي سمع من أبي محمد سبط الشّيخ أبي منصور ولا من ابن الأشقر ولا غيرهما ، وهذا لم يعرف بطلب الحديث ولا باشتغال بالعلم ، وإنما ذاك أخ كان له أكبر منه يكنى بأبي محمد واسمه أيضا عبد الله ، كان أبي يذكره ويقول : كان رفيقنا في السّماع من هؤلاء الشّيوخ ، وتوفي شابا ولم يرو شيئا ، وأنكر على من سمع من عبد الله هذا. وبلغ عبد الله هذا القول فلم يقبله وترك جماعة السّماع منه لهذا الالتباس وموضع الشّبه. وكنت سمعت منه أحاديث عن أبي بكر بن الأشقر فتركتها ونزلت عن السماع لها منه. على أنّه كان مسنّا لا يبعد سماعه من المذكورين ، ولكن تركناه لمحل الخلاف والله الموفق. وقد سمع من عبد الله هذا جماعة من الغرباء وسافروا قبل ظهور هذه القصّة والوقوف على التباسه بأخيه ، وحصلوا على الغرّة من أمره ، والله الهادي إلى سبيل الصّواب.
توفي عبد الله ابن الحلّي هذا يوم الأحد غرّة محرم سنة تسع وست مئة ، وبلغ من العمر خمسا وثمانين سنة على ما كان يذكر ، ودفن في يومه بالجانب