وإذ فات عيني أن تراهم فردّدوا |
|
على مسمعي ذكر المصلّى وكرّروا |
وردت فيا طيب الورود بطيبة |
|
صدرت فواحزني فلا كان مصدر |
رماني زماني بالفراق فغرّني |
|
على مثل من فارقت عزّ التّصبّر |
وأضمرت أشجاني ودمعي مظهّر |
|
وأسررت هجراني وحالي تخبّر |
فمن أدمعي ماء يفيض ويهمر |
|
ومن أضلعي نار تفور وتسعر |
فجسمي مصفرّ وفودي أبيض |
|
وعيشي مغبرّ ودمعي أحمر |
وحين دنا التّوديع ممّن أحبّه |
|
وحان الذي ما زلت منه أحذّر |
ونادى صحابي بالرّحيل وأزمعوا |
|
وسارت مطاياهم وظلت أقهقر |
وألوى إليه الجيد حتى وجعته |
|
وظلّ فؤادي لوعة يتفطّر |
وقفت لأقضي زفرة وصبابة |
|
ولا أنثني فالموت أجدى وأجدر |
ولو أنّني بعت الحياة بنظرة |
|
لأبّت وحظّي فيه أوفى وأوفر |
وما باختياري إنما قدر جرى |
|
رضيت بما يقضي الإله ويقدر |
حنيني إلى مغنى الجمال مواصل |
|
وشوقي إلى معنى الجمال موفّر |
وغير جميل أن يرى عن جمالها |
|
فؤادي صبورا والمسير ميسّر |
أيصبر ظمآن يغال بغلّة |
|
وفي روضة الرّضوان شهد وكوثر؟ |
فيا عينها الزّرقاء إنّ عيونها |
|
من الحزن فيض بالنّجيع تفجّر |
سأقطع ليلي بالسّرى أو أزورها |
|
وأحمي الكرى عينا لبعدك يظهر |
وأنضي المطايا أو أوافي ربعها |
|
فتنجدني طورا وطورا تغوّر |
حظرت على نفسي الحذار من الرّدى |
|
أتحذر نفس الحبيب تسيّر؟ |
أينكر تغرير المشوق بنفسه |
|
وقد علموا أنّ المحبّ مغرّر؟ |
وقفت على فتوى المحبّين كلّهم |
|
فلم أجد التّغرير في الوصل ينكر |
وإني إذا ما خطرة خطرت قضت |
|
بهمّي وعزمي همّة لا تؤطّر |
أقيم فألفي بين عينيّ همّتي |
|
وسيري في سبل العلا ليس ينكر |
إذا ما بدت للعين أعلام طيبة |
|
ولاحت قباب كالكواكب تزهر |
وللقبّة الزّهراء سمك سما علا |
|
وراق سنى كالشمس بل هو أزهر |
لها منظر قيد النّواظر والنّهى |
|
لها ساكن من نوره البدر يبدر |