ومن (١) سنان عاد عنانا ، وشجاع صار هدانا (٢) جبانا ، كلما شابته شائبة ريبة ، أدخل يده في جيبه ، فانجحرت الحيّة ، وماتت الغريزة الحيّة ، وهناك يزيغ البصر ، ويخذل المنتصر ، ويسلم الأسر ، ويغلب الحصر ، ويجفّ اللّباب (٣) ، ويظهر العاب (٤) ، ويخفق الفؤاد ، ويكبو الجواد ، ويسيل العرق ، ويشتدّ الكرب والأرق ، وينشأ في محلّ الأمن الفرق ، ويدرك فرعون الغرق ، ويقوى اللّجاج ويعظم الخرق. فلا تزيد الحال إلا شدّة ، ولا تعرف تلك الجارحة (٥) المؤمنة إلّا ردّة : [الطويل]
إذا لم يكن عون من الله للفتى |
|
فأكثر (٦) ما يجني عليه اجتهاده |
فكم مغرى بطول اللّبث ، وهو من الخبث ، يؤمل الكرّة ، ليزيل المعرّة ، ويستنصر الخيال ، ويعمل باليد الاحتيال : [الرجز]
إنك لا تشكو إلى مصمّت |
|
فاصبر على الحمل الثّقيل أو مت |
ومعتذر بمرض أصابه ، جرّعه أوصابه (٧) ، ووجع طرقه ، جلب أرقه ، وخطيب أرتج عليه أحيانا ، فقال : سيحدث الله بعد عسر يسرا وبعد عيّ بيانا ، اللهمّ إنّا نعوذ بك من فضائح الفروج إذا استغلقت أقفالها ، ولم تسم (٨) بالنّجيع أغفالها (٩) ، ومن معرّات الأقذار (١٠) ، والنكول عن الأبكار ، ومن النّزول عن البطون والسّرر ، والجوارح الحسنة الغرر ، قبل ثقب الدّرر ، ولا تجعلنا ممن يستحي من البكر بالغداة ، وتعلم منه كلال الأداة ، وهو مجال فضحت فيه رجال ، وفراش شكيت فيه أوجال ، وأعملت رويّة وارتجال. فمن قائل : [السريع]
أرفعه طورا على إصبعي |
|
ورأسه مضطرب (١١) أسفله |
كالحنش المقتول يلقى على |
|
عود لكي يطرح في مزبله |
__________________
(١) معطوفة على قوله فيما سبق : «فمن عصا تنقلب ثعبانا ...».
(٢) كلمة «هدانا» غير واردة في النفح.
(٣) في النفح : «اللعاب».
(٤) العاب : العيب. محيط المحيط (عيب).
(٥) في النفح : «الجائحة».
(٦) في النفح : «فأول».
(٧) الأوصاب : جمع وصب وهو المرض. لسان العرب (وصب).
(٨) في النفح : «ولم تتّسم».
(٩) في الأصل : «أعفالها» والتصويب من النفح.
(١٠) في الأصل : «الأقدار» بالدال المهملة ، والتصويب من النفح.
(١١) في الأصل : «مضطربة» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.