علل (١) لا تزال تبكى ، وعلل على الدهر تشكى ، وأحاديث تقصّ وتحكى ، فإن كنت أعزّك الله من النّمط الأول ، ولم تقل : [الطويل]
وهل عند رسم دارس من معوّل (٢)
فقد جنيت الثّمر ، واستطبت السّمر ، فاستدع الأبواق من أقصى المدينة ، واخرج على قومك في ثياب الزّينة (٣) ، واستبشر بالوفود ، وعرّف المسمع عازفة (٤) الجود ، وتبجّح بصلابة العود ، وإنجاز الوعود ، واجن رمّان النّهود ، من أغصان القدود ، واقطف ببنان اللّثم أقاح الثّغور وورد الخدود ، وإن كانت الأخرى ، فأخف الكمد ، وارض الثمد ، وانتظر الأمد ، وأكذب التوسّم ، واستعمل التّبسّم ، واستكتم النّسوة ، وأفض فيهنّ الرّشوة ، وتقلّد المغالطة وارتكب ، وجىء على قميصك (٥) بدم كذب ، واستنجد الرحمن ، واستعن على أمورك (٦) بالكتمان : [الكامل]
لا تظهرنّ لعاذل أو عاذر |
|
حاليك في السّرّاء والضّرّاء (٧) |
فلرحمة المتفجّعين حرارة |
|
في القلب مثل شماتة الأعداء |
وانتشق الأرج ، وارتقب الفرج ، فكم غمام طبّق وما همى (٨) ، (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)(٩) ، واملك بعدها عنان نفسك حتى تمكّنك الفرصة ، وترفع إليك القصّة ، ولا تشتره (١٠) إلى عمل لا تفيء منه بتمام ، وخذ عن إمام ، ولله درّ عروة بن حزام (١١) : [الكامل]
الله يعلم ما تركت قتالهم |
|
حتى رموا مهري بأشقر مزبد |
وعلمت أني إن أقاتل دونهم |
|
أقتل ولم يضرر عدوّي مشهدي |
ففررت منهم والأحبّة فيهم |
|
طمعا لهم بعقاب يوم مفسد |
__________________
(١) في النفح : «هموم».
(٢) هو عجز بيت لامرىء القيس ، وصدره :
وإنّ شفائي عبرة إن سفحتها
ديوان امرئ القيس (ص ٩).
(٣) يشير إلى زهوه فيشبهه بقارون.
(٤) في الأصل : «عارفة» والتصويب من النفح.
(٥) في النفح : «قميصه».
(٦) في النفح : «أمرك».
(٧) في النفح : «في الضرّاء والسرّاء».
(٨) في النفح : «غمام طما».
(٩) سورة الأنفال ٨ ، الآية ١٧.
(١٠) في النفح : «ولا تسرع».
(١١) في النفح : «درّ الحارث بن هشام».