بقصيدة طويلة (١) : [الكامل]
أسرفن في هجري وفي تعذيبي |
|
وأطلن موقف عبرتي وتحيبي |
وأبين يوم البين موقف (٢) ساعة |
|
لوداع مشغوف الفؤاد كئيب |
لله عهد الظّاعنين وغادروا |
|
قلبي رهين صبابة ووجيب (٣) |
غربت ركائبهم ودمعي سافح |
|
فشرقت بعدهم بماء غروبي (٤) |
يا ناقعا بالعتب غلّة شوقهم |
|
رحماك في عذلي وفي تأنيبي |
يستعذب الصّبّ الملام وإنني |
|
ماء الملام لديّ غير شريب (٥) |
ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى |
|
لو لا تذكّر منزل وحبيب |
أهفو إلى الأطلال كانت مطلعا |
|
للبدر منهم أو كناس ربيب |
عبثت بها أيدي البلى وتردّدت |
|
في عطفها للدهر آي خطوب |
تبلى معاهدها وإنّ عهودها |
|
ليجدّها وصفي وحسن نسيبي |
وإذا الديار تعرّضت لمتيّم |
|
هزّته ذكراها إلى التّشبيب |
إيه على الصّبر الجميل فإنه |
|
ألوى (٦) بدين فؤادي المنهوب |
لم أنسها والدهر يثني صرفه |
|
ويغضّ طرفي حاسد ورقيب |
والدار مونقة محاسنها بما |
|
لبست من الأيام كلّ قشيب (٧) |
يا سائق الأظعان تعتسف الفلا |
|
وتواصل الإسآد (٨) بالتّأويب (٩) |
متهافتا عن رحل كلّ مذلّل |
|
نشوان من أين ومسّ لغوب |
تتجاذب النّفحات فضل ردائه |
|
في ملتقاها من صبا وجنوب |
__________________
(١) في النفح : «طويلة أولها» والقصيدة في التعريف بابن خلدون (ص ٧٠ ـ ٧٢) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٣١٦ ـ ٣١٧).
(٢) في النفح : «وقفة».
(٣) الظاعنون : الراحلون. الوجيب : خفقان القلب واضطرابه. لسان العرب (ظعن) و (وجب).
(٤) الغروب : جمع غرب وهو عرق في العين يسيل منه الدمع. لسان العرب (غرب).
(٥) الشريب : الماء دون العذب. محيط المحيط (شرب).
(٦) ألوى : أنكر ؛ يقال : ألوى بحقّه إذا جحده إياه. محيط المحيط (لوى).
(٧) القشيب : الجديد. لسان العرب (قشب).
(٨) في الأصل : «الآساد» ، والتصويب من النفح. والإسآد : سير الليل كله بغير تعريس. لسان العرب (سأد).
(٩) التأويب : سير النهار كله إلى الليل. لسان العرب (أوب).