من قاس جود أبي عنان ذي (١) الندى |
|
بسواه قاس البحر بالضّحضاح (٢) |
ملك يفيض على العفاة نواله |
|
قبل السّؤال وقبل بسطة راح |
فلجود كعب وابن سعدى (٣) في الندى |
|
ذكر محاه من نداه ماح |
ما أن رأيت ولا سمعت بمثله (٤) |
|
من أريحيّ للندى مرتاح |
بسط الأمان على الأنام فأصبحوا |
|
قد ألحفوا منه بظلّ جناح |
وهمى على العافين سيب نواله |
|
حتى حكى سحّ الغمام الساحي |
فنواله وجلاله وفعاله |
|
فاقت وأعيت ألسن المدّاح |
|
||
وبه الدّنا أضحت تروق وأصبحت |
|
كلّ المنى تنقاد بعد جماح |
من كان ذا ترح فرؤية وجهه |
|
متلافة الأحزان والأتراح |
فانهض أبا عبد الإله تفز بما |
|
تبغيه من أمل ونيل نجاح |
لا زلت ترتشف الأماني راحة |
|
من راحة المولى بكلّ صباح |
والحمد (٥) لله يا سيدي وأخي على نعمه التي لا تحصى ، حمدا يؤمّ به جميعنا المقصد الأسنى ، فيبلغ الأمد الأقصى ، فطالما كان معظّم سيدي للأسى في خبال ، وللأسف بين اشتغال بال ، واشتغال بلبال (٦). ولقدومكم على هذا المقام (٧) العلي في ارتقاب ، ولمواعدكم (٨) بذلك في تحقّق وقوعه من غير شكّ ولا ارتياب ، فها أنت تجتلي ، من هذا المقام العلي ، لتشيّعك (٩) وجوه المسرّات صباحا ، وتتلقّى أحاديث مكارمه ومواهبه مسندة صحاحا ، بحول الله. ولسيدي الفضل في قبول مركوبه الواصل إليه بسرجه ولجامه ، فهو من بعض ما لدى المحب (١٠) من إحسان مولاي (١١) وإنعامه. ولعمري لقد كان وافدا على سيدي في مستقرّه مع غيره. فالحمد لله الذي يسّر في إيصاله ، على أفضل أحواله.
فراجعته بقولي (١٢) : [الكامل]
راحت تذكّرني كؤوس الرّاح |
|
والقرب يخفض للجنوح جناحي |
__________________
(١) في النفح : «في الندى».
(٢) الضحضاح : الماء القليل. محيط المحيط (ضحضح).
(٣) ابن سعدى : هو أوس بن حارثة الطائي.
(٤) في النفح : «ما إن سمعت ولا رأيت بمثله».
(٥) ما يزال النص النثري والشعري في نفح الطيب (ج ٨ ص ١٩٩ ـ ٢٠٠).
(٦) البلبال : الوسواس. لسان العرب (بلبل).
(٧) في النفح : «هذا المحل المولوي».
(٨) في النفح : «ولمواعيدكم».
(٩) في النفح : «بتشيّعك».
(١٠) في النفح : «المعظم».
(١١) في النفح : «مولاه».
(١٢) في النفح : «بما نصّه».