الشّدة الحالك ، عن أفق حالك ، فكبّرت (١) لانتشاق عفو الله العطر (٢) ، واستعبرت لتضاؤل الشّدة بين يدي الفرج لا بسوى ذلك من رضى مخلوق يؤمر فيأتمر ، ويدعوه القضاء فيبتدر (٣) ، إنما هو فيء (٤) ، وظلّ ليس له من الأمر شيء ، ونسأله (٥) جلّ وتعالى أن يجعلها آخر عهدك بالدّنيا وبنيها ، وأوّل معارج نفسك التي تقرّبها من الحقّ وتدنيها ، وكأنّني (٦) والله أحسّ بثقل هذه الدعوة على سمعك ، ومضادّتها ولا حول ولا قوة إلّا بالله لطبعك ، وأنا أنافرك إلى العقل الذي هو قسطاس الله في عالم الإنسان ، والآلة لبثّ العدل والإحسان ، والملك الذي يبين عنه ترجمان اللّسان ، فأقول : ليت شعري ما الذي غبط سيدي بالدّنيا ، وإن بلغ من زبرجها (٧) الرّتبة العليا ، وأفرض (٨) المثال لحالة (٩) إقبالها ، ووصل حبالها ، وضراعة سبالها ، وخشوع جبالها. التوقّع المكروه صباح مسا (١٠) ، وارتقاب الحوالة التي تديل من النّعيم البأساء (١١) ، ولزوم المنافسة التي تعادي الأشراف والرؤسا (١٢)؟ ألترتّب العتب ، حتى (١٣) على التّقصير في الكتب ، وضعينة جار الجنب ، وولوع الصّديق بإحصاء الذّنب؟ ألنسبة وقائع الدولة إليك وأنت بري ، وتطويقك الموبقات وأنت منها عري؟ ألاستهدافك للمضّار التي تنتجها غيرة الفروج ، والأحقاد التي تضطبنها (١٤) ركبة السّروج وسرحة المروج ، ونجوم السّما ذات البروج؟ ألتقليدك التّقصير فيما ضاقت عنه طاقتك ، وصحّت إليه فاقتك ، من حاجة لا يقتضي قضاءها (١٥) الوجود ، ولا يكيّفها (١٦) الرّكوع للملك والسّجود؟ ألقطع الزّمان بين سلطان يعبد ، وسهام للغيوب تكبّد ، وعجاجة (١٧) شرّ تلبّد ، وأقبوحة تخلّد وتوبّد؟ ألوزير يصانع ويدارى ، وذي حجّة صحيحة يجادل في مرضاة السّلطان ويمارى ، وعورة لا توارى؟ ألمباكرة كلّ عائب (١٨) حاسد ، وعدوّ مستأسد ، وسوق للإنصاف والشّفقة كاسد ، وحال فاسد؟ أللوفود (١٩) تتزاحم بسدّتك ،
__________________
(١) قوله : «فكبرت ، وفي الفرج من بعد الشدة اعتبرت ، لا يسوى ...» ، غير وارد في النفح.
(٢) في الأصل : «العاطر» ، وقد صوبناه لتستقيم السجعة.
(٣) يبتدر : يسرع.
(٤) الفيء : الظلّ.
(٥) في النفح : «ونسأل الله جلّ وعلا ...».
(٦) في النفح : «وكأني».
(٧) الزّبرج : الزينة من وشي أو جوهر ونحو ذلك. محيط المحيط (زبرج).
(٨) في النفح : «ونفرض».
(٩) في النفح : «بحال».
(١٠) في النفح : «صباحا ومساء».
(١١) في النفح : «البأساء».
(١٢) في النفح : «والرؤساء».
(١٣) كلمة «حتى» غير واردة في النفح.
(١٤) في النفح : «تضبطها».
(١٥) في الأصل : «قضاها» والتصويب من النفح.
(١٦) في النفح : «ولا يكفيها».
(١٧) العجاجة : العجاج وهو الغبار. محيط المحيط (عجج).
(١٨) في النفح : «قرن».
(١٩) فى النفح : «ألوفود».