الرومان فاستولوا عليها وحرقوها بالمشاهدة والعيان ، وذلك قبل نبوءة المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام ، بثلاثمائة وتسعين من الأعوام ولما كبر خلافهم وحلّ بهم النقض ، ضعف حالهم فتفرقوا في الأرض.
فرنسا الرومانية
ثم استولى عليها الرومان بخمسين عاما قبل مبعث المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام ، إلزاما ، وأمير هم وقتذاك جول سيزار وحصل القتال بين الفريقين مدة تسعة أعوام باحتراز ، إلى أن ضعفوا فأذعنوا للطاعة ، وانسحب عليهم الحكم بالجبر والاستطاعة ، فاشتغلوا بتعليم الصنائع والعلوم والقوانين العقلية بالجد والتحتيم ، فحصل لهم في ذلك الاستلاء عليهم النفع العظيم واستقر الرومانيون بالقول نحو الخمسمائة سنة ، وعمروها بالغرس والبناء للبيوت المحصنة. قال ولا زال أثر ذلك بافرانسا واضح البيان ، من القناطر والقنوات والأبراج وغيرها للآن. ولما ضعف الرومانيون هجم عليهم أمم عديدة من الجرمانية ، واستولوا على بعض الأرض فعمّروها بالبناء في القولة البيانية. وكان ذلك في ابتداء القرن الخامس المسيحي ، وهو قبل الهجرة بعد مائة أعوام بالتصحيح وكان منهم السويف ، والفندال ، والألين ، والبوركينيّون ، والفيزكوت والاسكلافون والفريسيّون والبفورة والنورمان والفرنك ، وغيرهم مما حصل لنا به الترك. غير أنّ الثلاثة الأولين منهم لم يستقروا في الملك ولا اشتهروا به ، بل رحلوا إلى برّ الإسبانيين وتوطّنوا به / وكان بين هؤلاء الأجناس من العداوة ما لا يحصى ، حتى صار كل واحد منهم مستقلا بنفسه ومستقصى. وقد حصل منهم قبل ذلك الغارة الكثيرة ، المتعددة على بلاد القول الشهيرة واطردهم الرومانيون بالتبيين ، ولم يبق إلا البعض من الفرنك تركوا بين وادي الموزو ووادي الرين وذلك سنة ثمان وخمسين من القرن الرابع من ميلاد المسيح ، وهو قبل الهجرة بسنين كثيرة ذات قرون في الصحيح. قال وأصل مجيء الفرانسيس لإفرانسا أن أمة اسمها الفرنك خرجت من بلادهم لضيقها وكثرتهم ، وعدم معرفتهم بتدمير ما تكون به المعيشة من الفلاحة وغيرها مع قوّتهم وشهرتهم وليس لهم ببلادهم اقتيات إلّا بألبان المواشي ونحوها من عروق الأرض الرواشي ، فهجمت مع جملة من الأمم على بلاد القول كما مرّ في القولة المروية وكانت هذه الأمة الفرنكية مشتملة على