الأمير يحارب الحاج موسى الأغواطي في المدية
ثم غزى الأمير بجيشه ومعه المخزن بأجمعه مدة الصلح لناحية المدية ، لما سمع بالثائر أبي حمار موسى بن الحاج اللغواطي الدرقاوي قادما عليه بالجيوش القبلية ، وكان آغة الحاج المزاري متهيئا للقتال ، رائما للمكافحة معه والنزال ، ولمّا حلّ الأمير بجيشه ببلاد صبيح تعرّضوا له في الطريق ومنعوه من المرور ببلادهم وسألوا منه الزطاطة ، كما هي عادة العرب الذين لا حكم عليهم ودأبهم الخلاطة ، فتشاور مع آغة المزاري وقدور ابن المخفي وقدور بالصحراوي / لا غير ، هؤلاء الثلاثة فيما قال الراوي ، فقالوا له الزطاطة هي وضع السيف في رقابهم والرصاص في أجسادهم بالزيادة ، والانتقام منهم بكل وجه لينتهوا هم وغيرهم عن هذه العادة ، وبادر الثلاثة لقتالهم مع جيش المخزن وهم الأعراش الأربعة المتوالية ، فلم يكن غير ساعة إلا وصبيح ولّت الأدبار والتزمت الفرار بالهزيمة الشنيعة المتوالية وحلّ بهم الهوان ، وصاروا يقولون الأمان الأمان ، وقد أثخن فيهم المزاري برفيقيه المذكورين إثخانا عظيما ، وأوقعوا بهم إيقاعا جسيما ، وغنموا منهم غنيمة كبيرة ، وقتلوهم مقتلة عسيرة ، وكان من جملة المخزن باش آغة السيد أحمد ولد قادي ، تابعا لآغة فيما يأمره به من الأشياء التي يكون منه (كذا) له بها التنادي ، وتمادى الأمير بجيشه والنصر يلوح أمامه بسبب المخزن إلى أن وصل لجندل ، فحطّ به عند ذلك ونزل ، وتقدم جيش أبي حمار للقتال ، وسأل الطعن والنّزال ، وكان ذلك الجيش كالجراد المنتشر ، بحيث غطّ بكثرته السهل والوعر ، فوقع لجيش الأمير من غير المخزن عند ذلك الفزع ، ودخلهم الرعب والجزع ، لا سيّما الحشم وبني عامر فإنهم قد حلّ بهم شديد القلق ، واعتراهم الدهش والخفق ، وقالوا للأمير إنّ هذا السيد لا يتكلم فيه البارود ولا يضرّه الرصاص المزيد ، ولا يجرحه لا هو ولا جيشه ، الحديد ، فقال لهم الأمير إن كان هذا حقا فالأمر لله الحليم الكريم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فضحك المزاري من قولهم بعد ما تبسّم ، وتيقن جبنهم وما هم فيه من الوهن ، فتقدّم قدور بالمخفي للأمير وقال له يا سيدنا ما قاله لك الحشم وبنوا عامر فإنما هو قول الجبان ، الذي من شدة الخوف يبدل العزّة بالهوان ، فقلوبهم خائفة مخوّفة ، وألسنتهم راجفة مرجّفة ، فلا تخش من