والمتاريس وزحف إليهم جيش من الطلبة والعلماء من أرض الحجاز / للمنازع ، وأميرهم العالم الشيخ الجيلاني السباعي ، وصحبتهم المدافع ، ولما نزلوا بالقصير أعان أهل تلك الأرض النصارى عليهم فقتلوهم عن آخرهم ، إلّا من نجّاه الله بالانخفاء عنهم بمآخرهم ، وبنا (كذا) بنبارت حول مصر قلاعا كثيرة ، لتحصينه شديدة عسيرة ، وبعث جيشا إلى جهة الصالحية ففتحوا تلك القرى على كثرتها ، وتخطّوا إلى العريش وخان يونس بقلّتها وكثرتها ، وفرّ منهم أهل غزة من الشام وفلسطين والرملة إلى القدس وفتح دمياط وعسقلان وما حولهما من القرى بغير الحدس ، فملك من الاسكندرية ورشيد إلى اقنا بلا احتياط ، إلى القصير إلى خلف العريش إلى دمياط ، إلّا أن الانقليز سدوا عليه فرصة المجاز فأرسلوا سفنهم حول أبي قير حيث مصب النيل في البحر الرومي للاحتياز ، فأخذوا بمخنقه وحالوا بينه وبين بلاده ولولاهم لامتلأت افرانسا من سبي مصر بأزواجه وأفراحه وهدموا كثيرا من قلعة مصر التي هي كرسي مملكتها بالمقادس ، وأول من اختّطها يوسف بن أيوب الكردي في القرن السادس.
بونابرت يغزو بلاد الشام
ولما خلا له الجو من المنازع ، وأيقن بأنه ليس له عن إقليم مصر المدافع ، وقد ذهب الصارخ والنادي بحيث صار لا حياة لمن تنادي ، سولت له نفسه بالاحتكام ، غزو عكّا التي هي أحد قواعد الشام العظام ، استخلف بعض وزرائه على مصر وسار إليها بالجنود العظام ، ورعيتهم من فلاحه مصر وأريافها أكثر وأكثر إلى سواحل الشام ، ففر منه أهل يافا وصيدا وغيرهما ، ودخلهما جنده ونهب ما وجد وعاث بضيرهما ، وارتجت الشام منه وخافه أهل دمشق وغيرهم على بعدهم ، وقوتهم وغزارة جندهم ، حتى همّ أهل القدس وعمراش ونابلس وغيرهم بالانجاء عن ديارهم وأوطانهم وترك خبرهم.
ثم أناخ على عكا وحطّ بكلكله ، وخيّم بذويه وأهله ، وكان بها الجزار أحمد باشا فوقع بينهما قتال شديد ، وحروب متكررة بشيب لها الوليد ، وهجم عليه بنبارت ذات يوم حتى دخل جنده المدينة ، وأخرجوه قهرا من تلك المدينة ، ثم أقلع عنها لما أحاط بقوسه الوباء ورجع لمصر ثانيا بالبيان ، وفي خلل ذلك