ويصير الرواج لبضائعه ، ففر المنصح للدولة من مقالته ، ولم يلتفت لأمره ولم يعمل برسالته ومال إليه غير المنصح ظنا أنه أدركته الحيوة (كذا) بعد الموت. ولم يدر أنه لا رجوع لشيء إلى محله بعد الفوت. وخرجت محلة الدولة غازية على صحراء وهران في أول مارس سنة خمس وأربعين وثمانمائة وألف الموافقة لسنة إحدى وستين ومائتين وألف (٢٥٩) فجالت بها عدة أشهر إلى أن وصلت بها لكسال والغاسول ، وستين والبرزينة ، والمشرية ، وغيرها من تلك النواحي ، وهجم عليها العدو ليلا بالغاسول ، فلم تلتفت له إلى أن ظهرت بالمأمول ، ووقع القتال بينها وبين أولاد سيدي الشيخ في تلك الجولة في أوائل ماي من السنة المذكورة ، فانهزم العدو بالهزيمة الشنيعة المشهورة ولا زالت جايلة إلى أن دخلت لفرندة في شهر جوان ، راجعة بالغنيمة لناحية وهران.
وقد جاء الأمير بجيشه لطلبها بالصحراء فلم ينل شيئا ، ولم يأخذ فيئا ، ثم افترقت محال الدولة لنظر أمرائها بعمالة وهران للتدويخ والحراسة ، وسيرها فيها مع أهلها بغاية السياسة ، فذهبت محلة الكلونيل مرت لحدود سعيدة بأرض اليعقوبية ومرت محلة الكلونيل قشوت لوادي الشولي بنواحي بلعباس ، وذهبت محلة الجنرال كافنياك للغزو على بني أبي سعيد ، وبني سنوس ، وسائر الجهة الغربية في غاية الشدة للاحتراس. ومرت محلة الجنرال برجلي لناحية فليتة وشلف ، والظهرة ، وهؤلاء (كذا) المحال لنظر الجنرال الكبير أبي هراوة ، وشرعت في تدويخ الوطن وتمدينه ببناء القرى والمدن (كذا) والقناطير (كذا) وتنجيز الطرق وتحجيرها لمشي الدواب والكراريط والكراريس وغيرها وتفجير المياه وجلبها لمحل النفع من الأماكن البعيدة والقريبة من القرى وغيرها وغرس الأشجار الدالة على العمارة والأحياء وكثرة السراوة.
ظهور الثائر بومعزة
فبينما الناس في راحة وعافية ، ونعمة شاملة وافية ، إذا بأبي معزة ويقال له أبو يوسف ، وأبو غزالة ، رجل من أولاد خويدم ثار بنواحي الأصنام ، واشتهر ذكره عند الخاص والعام.
__________________
(٢٥٩) أول مارس ١٨٤٥ يوافق ١٢ صفر ١٢٦١ ه.