المحالة ، لما رأى شوكة المخزن عظيمة ، ومقاومته لم يكن له عليها طاقة لكونها جسيمة ، فنظم جيشه من الرّكاب والمشات (كذا) ولم يتكل على المطاوعة فإنهم ما بين الطاعة والعصاة ، إن رأوا فيه الفرصة اغتنموها ، وإن رأوها له من فورهم احتكموها ، سيما القوم الضالة وهم الحشم وبنوا عامر ، فإنهم كالمنسج منهم الحائر والناير.
الأمير يصطدم بالدوائر والزمالة
ولمّا جمع عنده ما أحبّ من العسكر ، وتيقن في نفسه أن يكون له به الظفر في الكر والمفر ، سأل من البرجية الغزو معه أيضا على الدواير فأبوا وقالوا له لا يحصل منا ذلك ولو آل أمرنا إلى سكنا المقابر ، ولنا خبرة بأنك تحب مقاتلتنا طاعة منك للحشم وبني عامر ، فافعل ما شئت وما ظهر لك فيه بادر ، فجمع جيشا من الحشم والغرابة وبني شقران وبني عامر وعسكره وغزاهم ، فقاوموه شديدا مدة من أيام بعد أن أتوه بالقادة فرغب عنها وبالقتال جزاهم ، وكان لهم الظفر به لولا جر الهزيمة الواقعة من أهل الجهة الشرقية ، وهم الذين في طاعة ولد سيدي عريبي فحلت الهزيمة بالجميع في غاية الترقية ، ثم كرّ البرجية في آخر النهار لقتاله ، ودام الحرب فجرّ الشراقة الهزيمة أيضا فانجلا أهل البرج منه وأضرمه نارا وتكرر منه ضرب المدفع في حال قتاله ، وغنم البرج وفرّ أهله لناحية القلعة ، فاتبعهم بها وفروا لرؤوس الجبال الشاهقة والغيب المانعة فاستخلصوا منه وهم في الولعة ، ثم زادوا لمينا وبها نزلوا ، إلى أن أذعنوا له باختيارهم وبالطاعة جزلوا.
ولما تمّ أمره ورأى نفسه أنه اشتد بالإقامة ، زحف للدواير والزمالة وهم ما بين تافتة وواد الزيتون بالمقامة ، ونزل بمحلته في سيدي أبي الأنوار ، وحصل المصاف بملتقى الوادين بموضع يقال له المهراز بالاشتهار وغرض الأمير أن يخلف يوم الحناية / وليلة سكّاك ، ولم يدر أنّ الله فعّال لما يريد من غير شرّاك ، فدارت رحا الحرب بين الفريقين وحمى الوطيس ، واشتعلت النار وفقد الأنيس ، ودام القتال من أول النهار إلى العشية ، وقد انجرح فيه الأعيان من البحايثية ، فمنها مصطفى بن إسماعيل من كلتا يديه بلا نزاع ، أحدها في الأصبع والأخرى